القرية المخفية الجزء الثالث
القرية المخفية الجزء الثالث
نزل الغريب من على صهوة جواده واقترب من أحمد وقرّب وجهه له حيث يبرز جلياً جرح قديم على طول خده الأيسر وقال أنت من تسبب بهذا لي.
آنذاك صاح أحمد من الدهشة باهر! غير معقول!
قال الرجل بل القائد باهر فلقد أصبحت أميرا لجيوش المملكة ،
وأنا هنا اليوم في مهمة عسكرية لإخضاع هذه القرية لسلطة جلالة الملك.
قال أحمد بذهول لكن كيف ، كيف أصبحت شيخا في الخمسين بينما كنت بالأمس في مثل عمري؟
باهر : إنها اللعنة الثانية التي حاقت بقريتكم الملعونة ،
فكما ترى عندما تأوون للنوم ليلا فإن القرية تختفي بمن فيها ولا تظهرون إلا بعد ثلاثين سنة وليوم واحد فقط.
بالنسبة لي عندما هزمتني أنت في تلك الليلة أمضيت أنا ليلتي على قمة الجبل فلم تشملني اللعنة ،
وعند الصباح نظرت باتجاه قريتكم فلم أرها لأنها كانت قد اختفت واختفى معها السر الذي قدمت من أجله ولم أستطع كشفه في حينها ،
بسبب قلّة خبرتي وتسرعي الذي أدى إلى انكشافي وتعطيل مهمتي.
شعرت بأني قد خذلت جدي لذا عقدت العزم على أن أعاود الكرّة مرة أخرى ، حينما تعاود القرية الظهور بعد ثلاثين سنة.
ومنذ ذلك الحين وأنا أنتظر تلك اللحظة ، لحظة لقائنا مجددا.
ثلاثون عاما وأنا أضع الخطط وأقلب الأمور في رأسي ملايين المرات تحسبا لمثل هذا اليوم ،
لذا لا يمكن أن أخطئ بعد الآن ، فأنا اليوم جاهز مئة بالمئة.
قال له سلمان : ما الذي تريده منا بالضبط؟
باهر : منذ أن رحلت عن قريتكم حتى التحقت بجيش جلالة الملك وتدرجت بالرتب إلى أن أصبحت أميرا للجيوش ،
وأول ما فعلته هو أني أمرت بحفر هذا النفق اعتمادا على تضاريس المنطقة حتى عثرنا على أنسب نقطة للحفر.
إقرأ أيضا: السلطان آكل صغاره الجزء الأول
فشرعنا بالعمل وخلال عدة سنوات أنجزنا المهمة ووصلنا إلى المكان الذي حبست فيه قريتكم ،
لم يبق إلا أن ننتظر الظهور العجيب لقريتكم حتى نداهمها وحتى أحصل أنا على مرادي باستخدام قوة السلاح هذه المرة.
صاح أحمد بانزعاج : ألا تخبرنا بمرادك منا وترحمنا يا هذا؟
ضحك باهر وقال إصبروا معي قليلا فأنا قد صبرت ثلاثون عاما من أجل هذه اللحظة ،
ولا أريدها أن تنقضي بسرعة لحظة الظفر ونيل الجائزة.
قال سلمان : هل الأمر له علاقة بالنقوش الغريبة التي نسختها.
رد باهر : النقوش هي رسالة جدي لنا نحن أحفاده الذين أراد لنا أن نكمل المشوار الذي بدأه هو ،
وقد كتبها بلغة غريبة حتى لا تفهموها أنتم حتى جئت أنا ونسختها وترجمتها في دفتري وهي مؤلفة من ثلاثة مقاطع.
المقطع الأول والثاني عبارة عن طقوس تنفيذ اللعنتين الثانية والثالثة ،
أما المقطع الثالث فهو خريطة الكنز الموجود في هذه القرية.
أحمد : الكنز ، هل تقصد النسر الذهبي؟
في تلك الأثناء قامت تلك القوات الدخيلة بتطويق القرية ثم تم إحضار تمثال النسر الذهبي محمولا من قبل عشرات الجنود ،
فحاول سكان القرية إسترجاع كنزهم التاريخي لكن الجنود المدججين بالسلاح استخدموا ضدهم القسوة والترهيب لقمعهم وإخضاعهم.
فصاح أحمد : إذن فهذا مرادكم الذهب ففي النهاية لستم سوى لصوصا تافهين.
قال باهر : لا ، لم يكن الذهب ولا كنزكم التافه مرادنا يوما ما لا أنا ولا جدي ، ولو صبرت لدقائق أخرى لأتاك الجواب.
ثم جلس باهر قبالة التمثال وأخذ يقرأ النقوش بلغة غريبة وعلى هيئة ترانيم فقال سلمان :
إنه يحاول أن يلقي علينا اللعنة الثالثة يجب أن لا نتركه يفعل ذلك.
إقرأ أيضا: القرية المخفية الجزء الرابع
ثم التفت سلمان إلى الجنود وصاح بأعلى صوته ما بكم ألا ترون أن قائدكم ما هو إلا مشعوذ مهووس بإلقاء اللعنات.
فلما رأى سلمان أن الجنود لم يعبئوا بقوله حتى أخذ يصرخ محاولا الإفلات من قبضتهم ،
فما كان من باهر إلا أن نهض وصاح بانزعاج اصمت أيها العجوز ودعني أكمل عملي ،
ثم أمسك رمحاً وألقاه بقوة نحو سلمان فاخترق صدره وأسقطه أرضا.
ذهل القرويون لمصرع عمدتهم غاية الذهول وأشدهم تأثّرا كان أحمد الذي هرول إلى جده واحتضنه باكيا ، فوجد فيه رمق.
قال سلمان وهو يجود بنفسه : لا تدعوه ينجز عمله ويدمر القرية لا تدعوه ،
ثم أمسك بكف أحمد ووضع فيها شيئاً ما وأضاف : إسمعني يا أحمد هناك عند نهاية المغارة ستجد ، ستجد ،
ثم أغمض عينيه وفارق الحياة.
يتبع ..