القصيدة اليتيمة
القصيدة اليتيمة
يحكي بعض الرواة أنه كانت هناك فتاة من الأعراب كانت تسمى دعد ، وقيل أنها كانت ملكة بأرض من أطراف شبه الجزيرة العربية ،
وكانت على قدر عال من الجمال والفصاحة والبلاغة وقد طلبت مهرها قصيدة غزلية لم تشهد مثلها العرب من قبل ،
وما أن سمع دوقلة المنبجي بنبأ هذه الملكة والمهر الذي طلبته ،
وخبر عن جمالها وفصاحتها حتى جادت قريحته بهذه القصيدة التي خلدته بعد أن قتلته!
وفي هذه القصيدة رسم الشاعر صورة جميلة لمحبوبته التي تخيلها لينال الفوز بها بداية من شعرها ورأسها وحتى إخمص قدميها ،
غير أن حظه لم يسعفه حتى لإلقاء قصيدته على دعد التي هام الشعراء والملوك بحبها وتمنوا الزواج منها.
ومما يحكى في ذلك أنه في أثناء سفر دوقلة إلى دعد قابله أعرابي في الطريق ،
فسأله الأعرابي : إلى أين وجهتك؟
فقال دوقلة : إني ذاهب لنيل دعد.
قال الأعرابي : مهر دعدٍ قصيدة لم تشهدها العرب !
فقال دوقلة : وها هي القصيدة معي
فطلب الأعرابي إلى الشاعر سماع القصيدة ،
فألقاها عليه دوقلة فأعجبته ،
فما كان من هذا الأعرابي إلا أن قتل دوقلة وحفظ القصيدة متوجها بها إلى دعد.
وبعد أن دخل وعرفها بنفسه ، قرأ القصيدة ، وهنا أدركت دعد بذكائها وبلاغتها بعد سماعها القصيدة أن كاتبها ليس هذا الذي أمامها وذلك عند سماعها للبيت القائل :
إن تتهمي فتهامة وطني : أو تنجدي إن الهوى نجد.
وكان معنى البيت أن الشاعر من نجد بينما الأعرابي ( السارق ) لم يكن نجدياً لأنه في البداية عرف بنفسه وبمكانه الأصلي ،
إقرأ أيضا: يقول أحدهم بعد يوم طويل وشاق من العمل
فصاحت دعد قائلة : أقتلوا قاتل زوجي.
فقتله رجالها!
وسميت هذه القصيدة باليتيمة ، لكونها وحيدة لم يكتب صاحبها غيرها ،
وقيل لأنها لا شبيه لها من الشعر العربي نظرا لقوة سبكها وروعة تشبيهاتها ومعانيها وسلاسة صياغاتها ووضوح مقاصدها.
ورواية أخرى تقول أن كاتبها لم يُعرف لأن الأعرابي لم يعرف إسمه قبل قتله.
ومن أجمل أبيات القصيدة :
فالوَجْهُ مِثْلُ الصُّبْحِ مُبْيَضٌّ والشَّعْرُ مِثْلُ الليلِ مُسْوَدُّ
ضِدَّانِ لمّا استَجْمَعا حَسُنا والضِّدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ.