القطة السوداء
في ليلة عاصفة ، وقبل أن يخلد أريك للنوم سمع طرقا على بابه ، من سيأتي بهذا الوقت المتأخر؟
وحين اقترب من بابه الخارجي ، إنتبه على كلبته وهي تحتضن صغارها الثلاثة وتنظر ناحية الباب بخوف واضح!
فقال لها : ما بكِ اليسي؟ لا تقلقي ، ربما كان صديقي.
لكن قبل أن يفتح الباب ، بدأت الكلبة تصدر أصوات شرسة وكأنها تستعد للهجوم على طريدة ، بعد أن خبّأت جرائها خلفها!
إهدأي اليسي ، سأفتح الباب ، هيا إجلسي ، قلت إجلسي اليسي!
فجلست الكلبة وهي ما زالت تراقب الباب برعب.
وحين فتحه شاهد قطة سوداء تجلس عند بابه وتحاول تدفئة نفسها بدواسة الباب.
فأسرع أريك بحملها وإدخالها المنزل ، ثم وضعها قرب المدفأة على بعد متر من فراش كلبته التي كانت تنبح عليها بغضب.
فقال لها مُعاتباً : اليسي كفى! إن لم تهدأي سأرميك خارجا.
فهدأت الكلبة ، لكنها ما تزال خائفة على جِرائها من هذه القطة التي قام أريك بإطعامها السردين ، بعد أن غطّاها بكنزته القديمة.
ثم ذهب للنوم ، بعد أن أوصى كلبته : إياك أن تؤذي القطة ، هل فهمتي اليسي؟!
فعادت الكلبة تزمجر بصوت منخفض ، وكأنها تكتم غضبها بصعوبة !
في صباح اليوم التالي ، إستيقظ أريك على عراكٍ حادّ بين الكلبة والقطة ، فأسرع للصالة ليشاهد شيئاً غريبا!
حيث وجد كلبته غاضبة ومنصدمة من موت إحدى جرائها ، بينما كانت القطة تراقب الوضع من بعيد.
فأسرع أريك بحمل الجروّ ، ليجده ميتاً بسبب جرح عميق في رقبته ، فنظر الى القطة مندهشا : هل عضتّي الجروّ الصغير ؟!
لكن القطة أكملت طريقها نحو المطبخ دون إكتراث ، بينما ظلّت الكلبة تلعق جرح إبنها وهي تصدر أنيناً حزيناً ،
وكذلك أخويه كانا منصدمين من موته المفاجىء !
وقد قام أريك بدفن الجروّ في فناء منزله ، بينما وقفت أمه الكلبة بقربه وهي تراقب عملية الدفن بحزن شديد.
إقرأ أيضا: تزوجت زميلها في الجامعة
وتكرّرت الحادثة في اليومين التاليين ، ومات كلا الجروين بعضّة في رقبتهما ،
فهل يعقل أن القطة تغافل الأم لتقتل صغارها؟!
أم أن الكلبة تقتل أبنائها بنفسها؟! ، الأمر يبدو غير منطقي!
وبعد دفنه للجروّ الثالث تكلم مع صديقه على الهاتف ، وأخبره بأنه يفكّر بإرسال القطة إلى ملجأ للحيوانات الضالّة ،
لأن تصرّفاتها الغريبة تغضب كلبته التي عاشت معه لسنواتٍ طويلة.
وأثناء هذه المكالمة ، كانت القطة تراقبه من بعيد وكأنها تتنصّت عليه!
لكن أريك إضّطر لتأجيل موعد تخلّصه من القطة بسبب عاصفة ثلجية مفاجئة ضربت المنطقة ،
وقد طلبت البلدية من السكّان ملازمة منازلهم إلى أن تمرّ العاصفة بسلام.
وفي المساء قام أريك بإطعام القطة ، كما أجبر كلبته على تناول بعض الطعام لأنها امتنعت عن الأكل بعد موت جرائها ،
ثم ذهب للنوم بعد أن أضاء لهما المدفأة.
لكنه عاد وسمع نباح كلبته في منتصف الليل ، وكان حينها مرهقاً للغاية ، فقال في نفسه قبل أن يعاود النوم :
ها قد تشاجرا من جديد ، عليّ التخلّص من هذه القطة المشاغبة قبل أن أُجنّ منها أنا وكلبتي اليسي.
وفي الصباح ، وجد القطة نائمة قرب المدفأة ، لكن لا يوجد أثر لكلبته في أرجاء المنزل !
وبعد أن شعر بالقلق ، خرج من منزله ليرى كلبته مُجمّدة قرب الباب.
وبعد أن شعر بالقلق ، خرج من منزله ليرى كلبته مُجمّدة قرب الباب. وقد صدمه الأمر تماماً !
فكيف خرجت إلى العاصفة والباب مغلق بالمفتاح ؟! وهل كانت تنبح البارحة لكي ينقذها بعدما علقت في الخارج ؟!
فأحسّ أريك بحزنٍ شديد على وفاة صديقته المخلصة ، كما شعر بتأنيب الضمير لأنه فضّل النوم على الإطمئنان عليها.
إقرأ أيضا: جريمة نملة!
وبعد أن بكى كثيراً عليها ، دفنها قرب جرائها الثلاثة ،
وخلال الدفن شاهد القطة تراقبه من بعيد ، قبل أن تعود إلى المنزل وكأن شيئاً لم يحصل !
وفي عصر هذا اليوم ، إتصل أريك بمسؤول ملجأ الحيوانات ، وأخبره عن القطة السوداء الشريدة.
أريك : نعم فهمت ، سأحضرها غداً صباحا ، وأتمنى أن تجدوا لها بيتاً جديدا ،
فأنا طالبٌ جامعي ولا وقت عندي لرعايتها ، نعم فهمت. شكراً لك.
وبعد أن أغلق جواله ، إنتبه للقطة وهي تنظر إليه من طرف باب غرفته وكأنها سمعت كلّ المكالمة ،
لكن شيئاً ما أشعره بالخوف من نظراتها الحادّة ، وكأنها تتوعّده بالإنتقام لتخلّيه عنها!
لكنه عاد وقال في نفسه : ما هذا الهراء يا أريك ؟ إنها مجرّد قطة مُشرّدة ، وأكيد لن تؤذيني.
وفي منتصف هذه الليلة ، أصيب اريك بالجاثوم في نومه ، وأحسّ بشللٍ مؤقت في كلتا يديه ورجليه !
وبينما كان يصارع كابوسه ، شعر بفروّ القطة يحطّ فوق أنفه وفمه ! فعلم أن القطة قفزت لتجلس فوق وجهه تماما.
وفي تلك اللحظات لم يكن باستطاعته تحريك يديه أو أيّ جزء من جسمه ،
وقبل أن يفقد وعيه ، رنّ هاتف منزله! لتقفز القطة مُبتعدةً عنه بعد أن أفزعها الصوت ،
وذلك قبل ثواني قليلة من إختناقه حتى الموت.
وبعد أن استيقظ أريك من نومه مساءً ، أسرع إلى الصالة ليجدها نائمة قرب المدفأة ،
فحملها وهو غاضبٌ جداً من تصرّفها الذي كاد أن يقتله.
اللعنة عليك! كدّت تقتلينني! الآن تأكّدت أنك أنتِ من قتلت الجِراء ، وقتلتي كلبتي أيضاً.
أنت شريرة ، لابد انك جنّية خبيثة مُتلبّسة بهيئة قطة ، أخرجي من بيتي يا ملعونة!
ورمى بها بعنف خارج بيته ، ثم أقفل بابه الخارجي بإحكام.
وقد إحتاج أريك لبعض الوقت ليهدأ من غضبه ، وبعد أن استردّ أنفاسه ،
أطفأ أنوار الصالة لكيّ يُكمل نومه ، لكن قبل أن يدخل غرفته ، شاهد القطة تقف خلف نافذة الصالة ،
إقرأ أيضا: دخل الجراح سعيد إلى المستشفى بعد أن تم إستدعائه
وكانت عيناها مضيئتان بشكلٍ مرعب ، وكأنها غاضبة جداً من طردها من بيته.
فأسرع إلى غرفته وأقفل عليه الباب بعد أن أرعبه منظرها!
في الصباح ، قام أريك بحزم بعض حاجياته في حقيبةٍ صغيرة ، مُقرّراً المبيت في بيت أهله لعدّة أيام حتى تهدأ أعصابه قليلاً.
وقبل خروجه من المنزل ، إلتفت يميناً ويساراً خوفاً من تلك القطة الشريرة ،
وحين لم يرَها بالجوار أسرع ناحية سيارته ، وانطلق مسرعاً إلى بيت أهله.
في مساء ذلك اليوم وبعد أن تعشّى أريك مع والديه ، ذهب إلى غرفته القديمة لينام ،
وهناك أتاه إتصال على جوّاله من صديقته :
أريك
أهلا جاكلين ، نسيت أن أخبرك أنني سأبيت عند أهلي طوال هذا الأسبوع.
ليتك أخبرتني قبل أن أذهب إلى بيتك ،
أريك : ماذا؟!
صديقته : ما بك متفاجىء؟ ألم تعطني نسخة من مفاتيح منزلك؟
آه صحيح ، لكن لحظة! ما هذه الأصوات التي حولك؟!
كنت سأخبرك الآن ، عندما دخلت إلى منزلك لم أجد كلبتك اليسي وجرائها ،
لكني وجدّت ثلاثة قطط صغيرة ، فكيف تتركهم لوحدهم هناك دون طعام ، أيّها القاسي؟!
أريك بخوف : قطط ! وهل لون الهريرات سوداء؟!
نعم
فصرخ أريك برعب : أهربي بسرعة من البيت ياجاكلين! إنها ليست قطط , بل شياطينٌ لعينة!
وفجأة! سمع صوت مواء القطط وكأنها تهجم على صديقته!
وقد استمع أريك بخوف على صراخ صديقته وهي تقول :
ابتعدوا عني! آه عيني !! لا لا تعضّوا رقبتي! أريك ساعدني!
ثم اختفى صوت جاكلين! وحينها سمع أريك صوت مواءٍ مميزّ ،
فعرف أنها نفسها القطة السوداء الأم ، وكأنها تخبره : بأنها انتقمت منه أخيراً ، ومن ثم انقطعت المكالمة!