المبالغة في تيسير الزواج
المبالغة في تيسير الزواج
ومن دعى لغير هذا من التعسير ، فهو إما مُفسِدٌ مِن جنود الشيطان ، أو جاهل بمقاصد شريعة الرحمن.
عن سهل بن سعد الساعدي قال : «جاءَتِ امْرَأَةٌ إلى النَّبيِّ صَل الله عليه وسلَّمَ فقالَتْ :
جِئْتُ أهَبُ نَفْسِي ، فَقامَتْ طَوِيلًا ، فَنَظَرَ وصَوَّبَ ، فَلَمَّا طالَ مُقامُها ، فقالَ رَجُلٌ :
زَوِّجْنِيها إنْ لَمْ يَكُنْ لكَ بها حاجَةٌ ، قالَ : عِنْدَكَ شَيءٌ تُصْدِقُها؟ قالَ : لا ، قالَ: انْظُرْ.
فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فقالَ : واللَّهِ إنْ وجَدْتُ شيئًا، قالَ : اذْهَبْ فالْتَمِسْ ولو خاتَمًا مِن حَدِيدٍ.
فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ قالَ : لا واللَّهِ ولا خاتَمًا مِن حَدِيدٍ.
وعليه إزارٌ ، ما عليه رِداءٌ ، فقالَ : أُصْدِقُها إزارِي ، فقالَ النَّبيُّ صل اللهُ عليه وسلَّمَ :
إزارُكَ إنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ منه شَيءٌ ، وإنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عليها منه شَيءٌ.
فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَلَسَ ، فَرَآهُ النَّبيُّ صَل اللهُ عليه وسلَّمَ مُوَلِّيًا ، فأمَرَ به فَدُعِيَ،
فقالَ : ما معكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قالَ : سُورَةُ كَذا وكَذا ، لِسُوَرٍ عَدَّدَها ، قالَ : قدْ مَلَّكْتُكَها بما معكَ مِنَ القُرْآنِ.»
أخرجه البخاري (5871) ، ومسلم (1425)
ومن فوائد الحديث : إنكاحُ المُعسِرِ (أي تزويج الفقير الذي ليس له مؤونة الزواج) ،
وأنَّ الكفاءةَ إنَّما هي في الدِّينِ لا في المالِ ، وأنَّه لا حَدَّ لأقلِّ المَهرِ.
وفيه : أنَّ الإمام (الحاكم أو من ينوب عنه كالقاضي) يُزوِّجُ مَن ليس لها ولِيٌّ خاصٌّ ، لِمَنْ يَراه كُفؤًا لها ، بشَرْطِ رِضاها.
وفيه : إكرامُ حاملِ القرآنِ ، حيث زوَّج النَّبيُّ صل اللهُ عليه وسلَّم المرأةَ للرَّجلِ ؛ لأجْلِ كونِه حافظًا للقرآنِ أو لبَعضِه.
ليعلِّم المرأةَ ما حفِظه من القرآن ، ويكون تعلِيمُه ما حفظه من القرآن مهراً لها.
وفيه : المُبالَغةُ في تَيسيرِ أمْرِ النِّكاحِ.