المحبة الحقيقية
قال الله تعالى : ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾*
[ سورة آل عمران: 31]قال ابن جُريج رحمه الله : « كان قوم يزعمون أنهم يُحبون الله ، يقولون : إنا نحبُّ ربَّنا !
فأمرَهُم اللهُ أن يتَّبعوا مُحمدًا صل الله عليه وسلم ، وجعلَ اتباعَ محمدٍ علَمًا لحبِّه »*
[تفسير الطبري (6/323) ]وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : « هذه الآيةُ الكريمة حاكمة على كلِّ مَن ادَّعى محبة الله ،
وليس هو على الطريقة المحمدية ؛ فإنه كاذبٌ في دَعواه في نفس الأمر ،
حتى يَتَّبعَ الشرعَ المحمديَّ ، والدِّين النبوي ، في جميع أقواله وأحواله ».
[ تفسير ابن كثير (2/32) ]لذلك فإن الحب الحقيقي يستلزم الإتباع الصادق.
قال ابن القيم رحمه الله : « فعُلِم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة ؛ فانتفاء محبتهم ؛ لازم لانتفاء المتابعة لرسوله ،
وانتفاء المتابعة ملزوم لانتفاء محبة الله لهم ، فيستحيل إذن ثبوت محبتهم ،
وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله صل الله عليه وسلم ».
(مدارج السالكين : 1 / 99)
وقال أيضا في نونيته :
شرطُ المحبةِ أن توافِقَ مَنْ تحبَّ ، على محبَّته بلا عِصيانِ
فإذا ادَّعيتَ له المحبةَ مع خلافِكَ ، ما يُحبُّ فأنت ذو بُهتان.
أتحبُّ أعداء الحبيب وتدَّعي حُبًّا له ما ذاك في إمكان.
وكذا تُعادي جَاهدًا أَحبَابَه ، أين المحبَّةُ يا أخا الشيطانِ
إقرأ أيضا: إعلم جيدا أن الحياة أصبحت مرهقة جدا
وقال الشافعي رحمه الله :
تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تَزعُمُ حُبَّهُ
هَذا مَحالٌ في القِياسِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُ
إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطِيعُ
وقال الحسن البصري رحمه الله :
« لا تغتر بقولك : المرء مع من أحب !
إن من أحب قوما اتبع آثارهم
ولن تلحق الأبرار حتى : تتبع آثارهم ، وتأخذ بهديهم ، وتقتدي بسنتهم ،
وتمسي وتصبح وأنت على مناهجهم ، حريصاً أن تكون منهم ، وتسلك سبيلهم ، وتأخذ طريقتهم.
وإن كنت مقصرا في العمل فإن ملاك الأمر أن تكون على استقامة.
أما رأيت اليهود والنصارى وأهل الأهواء الردية يحبون أنبياءهم وليسوا معهم؟
لأنهم خالفوهم في القول والعمل وسلكوا غير طريقهم فصار موردهم النار.
والخير كل الخير في اتباع من سلف ، والشر كل الشر في ابتداع من خلف.