اليوم أكملت أربعا وعشرين سنة مضت سنتين على فراقنا
تخرجت من الجامعة بتخصص علوم صيدلانية ، أي أصبح إسمي الدكتور أحمد ، أو كما كنتي تنعتيني بدكتور السعادة.
تأخرت قليلا في دراستي ولم ألحق بأصدقائي الذين من عمري بسبب الظروف التي تعرفينها ، وهي ذاتها التي رفضوني أهلك بسببها.
كل شيء جميل ومرتب ، التخرج ، الحفل ، الطلاب ولا ينقص شيء عدا أنك لست موجودة!
اليوم أكملت خمسا وعشرين سنة ، ومضت ثلاث سنوات على فراقنا.
إشتريت سيارة أحلامنا لتساعدني في مجال عملي الجديد كمندوب دعاية علمية ،
لونها أحمر كما أحببتي وفرشها داكن اللون وفيها فتحة للسقف ، وكل شيء فيها رائع ، عدا أنك لن تركبيها.
اليوم أكملت ثمان وعشرين سنة ، مضى ست سنوات على فراقنا ،
دفعت مقدم شقة أحلامنا ، أجرتها الى عائلة محترمة.
فيها ثلاث غرف كبيرة وجميلة وموقعها في الحي الذي لطالما أعجبك ، وكل شيء فيها هادئ ومرتب ،
ولا ينقصها شيء غير أنك الشخص الوحيد الذي لن يدخلها.
اليوم قد أكملت عقدي الثالث ، مضى على فراقنا ثمان سنوات.
سمعت من صديقتك أنك رزقت بطفل عمره الآن سبع سنوات ، هي حقا كانت سبع عجاف ،
اليوم سأتزوج من فتاة قد أثارت إعجاب أمي ولم تثر في سوى الحزن.
ولكني تزوجتها لأنها أحبتني ، على حسب ما نصحني به صديقي محمد : تزوج التي تحبك ولا تنتظر أن تحب.
وبصراحة ، بحثت عنك في جميع الأماكن ولم أجد شبيهة لك.
كان العرس رائعا جدا ، إلا أنك لم تكوني العروس!
اليوم عمري خمس وأربعون سنة مضى على فراقنا ثمانية آلاف وثلاثمئة وخمسة وتسعين يوم.
اليوم عيد ميلاد إبني جاد ، أسميته كما إتفقنا ، أكمل الرابعة عشر وهو متفوق بدراسته ورياضي ،
ويحب الرسم مثلك! إلا أنك لم تكوني أمه.
إقرأ أيضا: خالتي المبتسمة
اليوم عمري ستة وخمسون سنة ، ومضى على فراقنا أربعا وثلاثون سنة.
رجعت من غربتي محملا بحقيبة فيها مبلغ من المال ، وأدوية للضغط والسكر وما إلى ذلك ،
رجعت لأحضر عرس إبنتي رنا ، أسميتها على إسمك كي أدلعها برنوشتي ، تماما كما كنت أدلعك ،
كان العرس مدهشا ، إلا أنك لم تحضريه.
اليوم ، عمري ثمان وخمسين سنة ، مضى على فراقنا ستة وثلاثون سنة.
لكن اليوم مختلف ، اليوم إلتقينا !
اليوم خطبة إبني المهندس جاد ،
اليوم إجتاحتني موجة من السعادة ، عندما علمت أن إبنتك الصغيرة هي العروس.
تشبهك بكل تفاصيلك ، فريدة في حبها لابني.
الخطبة رائعة بكل المقاييس ، ولا ينقصها إلا أنك لست فيها ، قد أخبروني أنك توفيت منذ خمسة أعوام بمرض السرطان.
أكتب لك هذه الرسائل بخط يدي وأحتفظ بها في الصندوق الذي أهديتني إياه مع الكتب الثلاثة ،
وقلمك السحري المعطر وولاعة السجائر التي عليها إسمك.