اليوم يوم زفافي

اليوم يوم زفافي ، جلست أمام المرآة لآخر مرة في هذه الغرفة ، أتذكر جيدا تلك الصورة وأنا برفقة أمي ،

كانت تسرح لي خصلات من شعري وأنا بنت العاشرة ، لازالت ذكرى راسخة في مخيلتي ، سألتها حينها :

لما يتساقط شعرك يا أمي؟ أجابتني وكلها بسمة :

صغيرتي ، إني أمنحك إياه ، أولم تلاحظي أن شعرك يزداد طولا!

وحينما تكبرين سأمنحك طولي ومكاني!
وهل منحتك جدتي شعرها أيضا!؟

نعم يا صغيرتي ، رحمها الله منحتني الكثير وها أنا أمنحك كل شيء مني حتى تصبحي عروسا جميلة حين تكبرين!

لماذا يجب أن أكون عروسا؟ لا أريد مفارقتك!

لن تفارقيني ستزورينني دوما وسأزورك ، كما أني أتلهف شوقا لحضور عرسك ،

حين ترتدين الثوب الأبيض الجميل وتتزينين في أبهى حلة ، سندعو كل الأهل والجيران ليباركوا لك ،

وستزفين في موكب سيارات تحسدك عليه كل قريناتك ، ورغم هذا ستبقين صغيرتي التي لا تكبر والتي أحب.

وجاء ذاك اليوم المنتظر لكني لم أكبر بعد ، ولم أكن العروس ، بل أمي سبقتني لذلك ،

حضر كل الأهل والأقارب وأخذوها في موكب سيارات ضخم وهي ترتدي الأبيض، لكنه لم يكن جميلا كما قالت ،

ولم تكن ترتدي أية زينة سوى وجهها الذي يشع نورا.

ومنذ ذلك اليوم انتظرتها أن تزورني لكنها لم تفعل!

مرت سنوات على رحيلها ولم تعد بعد ، لقد كبرت وأدركت أنها لن تعود.

أغمضت عيناي ، فخرجت تنهيدة تكسر الصخر من أعماقي وخطت بضعة دموع طريقها على وجنتاي ،

يا الله ، ليتها معي اليوم.

قاطعت خالتي سهوتي مبتسمة وهي تحمل بيدها علبة وكيسا ، لي أمانة لك.
أمانة!

إقرأ أيضا: الساعة الثالثة فجرا وحيدة في غرفتي

فتحت العلبة ، فوجدت داخلها مذكرة ورسالة ، فتحتها باستغراب ولهفة ، فكانت كلماتها :

” إلى صغيرتي التي أحب!

لقد كبرت وأصبحت عروسا كما أخبرتك ، أصبحت بطولي أو أطول ، شعرك المسدل إلى خصرك يزيدك جمالا ورونقا ،

أنت أجمل عروس بالعالم ، أخذت جمال إمرأتين ، أمك وجدتك ،

ورثت عني الطول والشعر وعن جدتك الغمازة الساحرة على خدك الأيسر.

آسفة لأني تأخرت في العودة لكني سجينة القدر واليوم سمح لي أن أكون معك والرسالة بين كفيك ،

كما وعدتك سأكون معك يوم زفافك وأفرح لفرحك ، لا تبكي ولا تفسدي مكياجك بل ابتسمي فقد عدت لأرافقك وأكون معك.

لا تقولي يا ليت أمي هنا ، لأني هنا حقا ، أفهمك جيدا ، لقد مررت بيوم زفافي بما تمرين به اليوم ،

أفتقد والدتي في أسعد أيامي ، لكني تركت لك مذكرة تحتوي على كل ما علمتني جدتك وما تعلمته من تجاربي ودونته لك!

وصفات طبخ ، ترتيب وجمال وحتى أسلوب حياة لمستقبل أفضل!

ستجدينني في صفحات ما كتبت كلما ضاق بك الأمر ، زوريني دوما ولا تطيلي عني الغياب ،

تمنيت طباعة الكتاب لكن القدر قال كلمته ، أرجو أن تكتبي تجاربك فيه وتهديه لابنتك ولكل بنت لها نفس قصتك.

أتمنى ان يكون عنوان الكتاب ” إليك بنيتي ، أنا أمك “

والإهداء ” إلى كل عروس تقول : ليتها معي اليوم ، أنا معك.

جففي دموعك فأنت إبنة أمها أقوى من مجرد مرض ، حزن ، أنت بذرة أمل ، ألف مبروك صغيرتي التي أحب!

Exit mobile version