Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الحب في الحياة

انتظرته كعادتي قرب الشباك

انتظرته كعادتي قرب الشباك ، أمام المدخل ، في باحة البيت ، أحمل هاتفي وأحاول للمرة العشرين الإتصال به لكن دون جدوى ،

هاتفه لايزال مقفلا ، مشاعر مختلفة امتزجت في داخلي ، خوف ، قلق ، شوق ، توتر رهيب يجتاح كل أطرافي ،

هكذا أنا دوما أنتظره بخوف وقلق حتى لو كنا متخاصمين ، حتى لو كان مخطئا في حقي أخشى من تأخره ،

بل ترعبني فكرة أنه قد لا يعود مطلقا.

ألقيت نظرة نحو ساعة هاتفي فتسابقت الدموع نحوه تبلل شاشته ، ليس من عادته التأخر إلى هذه الساعة ،

ليس من عادته ترك هاتفه مطفأ كل هذا الوقت ، لم أعد أرغب في شجاره ،

لا رغبة لي في قول شيء سخيف أو طلب أي غرض منه ، أود فقط رؤيته بخير ، كل ما أريده الآن هو عودته سالما ،

ستكون أثمن هدية يمكن الحصول عليها منه ، سلامته!

أعلم أني لا أعترف بهذا له دوما ، لكني فعلا خائفة عليه ، يرهقني غيابه بين خيوط هذه الليلة المظلمة.

استفقت من سرحتي على صوت المفتاح وهو يهم بفتح الباب ، راحة كبيرة تملكتني لحظتها ،

وكأنها الشمس تشرق أواخر الليل ، كأن الحياة تعود إلى عروقي التي كادت تجف من دمائها ،
طردت كل ذلك القلق والخوف ،

تلاشت فجأة كل تلك الأفكار السلبية وأنا أراه يعود سالما بكامل عافيته.

رسمت بسمة دافئة على شفاهي تخفي خلفها نبضات قلبي المتسارعة والتي تتراقص سعادة برؤيته ،

اقتربت منه بروية وعلى وجهي ابتسامة دافئة محاولة إخفاء دموعي المتجمعة على مقلتي ، ودون سؤاله أجابني فأراح قلبي :

تعطلت سيارتي في مكان لا شبكة للهاتف فيه ، أنتي تعلمين جيدا طبيعة عملي وتنقلاتي أثناء ذلك ،

أنا متعب جدا وجائع ، هل من طعام دافئ أسكت به عصافير بطني!

نعم ، طبعا سأعد لك الطاولة.

إقرأ أيضا: إعتدت أن أسجل جميع مكالماتي الهاتفية معها

جلس يتناول طعامه في صمت على غير عادته بعد أخذه قسطا من الراحة ، رغم التعب تعود على سرد تفاصيل يومه ،

لكنه اليوم يبدو هادئا ، أخذت الأفكار تتلاطم كالأمواج في رأسي بين أخذ ورد ،

أعلم جيدا أنه مرهق وأني قد وعدت نفسي أثناء تأخره بعدم ازعاجه ثانية ، لكن ..

أود كسر حاجز الصمت ، أود أن أكون صريحة معه ، صديقته المقربة ، أود محادثته ما دام الوضع يسمح لي بذلك ،

أود أن أعبر له عن خوفي لعله يهتم بذلك مستقبلا.

أخذت أحدق فيه وهو يتناول طعامه في نهم ، سألني بنظرات استغراب وهو يرفع من كوب الماء :

ألن تتناولي طعامك!؟

أربكني سؤاله ، لا أعلم لما أخجل منه ، ربما لأن زواجنا كان تقليديا ، ولا أعرف بعد كيف تكون ردود فعله عن مشاعري نحوه ،

لكن ما ذنبي أني أحببته ، كيف أشرح الأمر له!؟
كلا ، لست جائعة.

لم أستطع أن أكون صادقة حتى في هذا ، لم أتمكن من إخباره أنه الخوف من خسارته هو من يسلب مني شهيتي كل ليلة يتأخر فيها عن موعده ،

اكتفيت بتلك الكذبة فقط كي لا أصارحه ، فقط كي لا يسخر من مشاعر الأنثى التي تسكنني نحوه.

بعد صراع محتدم بيني وبين نفسي قررت أخيرا محادثته ، لم أعد أستطيع تحمل هذا الوجع في داخلي أكثر ،

سأحاول تفسير الأمر له قدر المستطاع وأتمنى أن يحاول هو فهم ما أود قوله له :
لقد انتظرتك طويلا.

لم أعلم كيف تسربت مني الكلمات هكذا فجأة ، لم أقوى على رفع عيناي في وجهه وأنا ألقي بها على مسامعه ،

لم أقدر حتى على رؤية ملامحه وهو يلتقطها.
أعلم.

إقرأ أيضا: تقول سنوات ووالدي يرفض كل من يتقدم لي

اكتفى بهذه الكلمة جوابا له ، هذا ما استفزني وأزعجني ، يعلم وفقط!

ألا يشعر بكل ذلك الخوف الذي أعانيه من تأخره ، كيف يكون باردا هكذا معي!؟

حافظت على هدوئي ، قبل أن أتجرد من خجلي ومحادثته عن حالي أكثر :

أنتظرك كل يوم ، حتى ونحن متخاصمين أنتظرك.

اكتفى بتناول طعامه ولم يقل شيئا وهذا ما دفعني لمواصلة الحديث أكثر ، أود منه فهم الوضع.

أقلق كثيرا ، أخشى إصابتك بمكروه ، أنت لا تهتم ، لا تتصل ، لا تهمك حالي ولا يقلقك انتظاري وخوفي.

أفكر كثيرا في النوم وعدم انتظارك ، أفكر في شعورك وأنت تعود ولا تجدني على عتبة الإنتظار ،

كيف ستكون ردة فعلك عندها يا ترى؟

صدقني حاولت كثيرا فعل ذلك ، أن لا أهتم لغيابك كما تفعل بي بإهمالك ، لكني لم أقدر ،

حتى النوم يأبى زيارتي وكأنك تصحبه معك لحظة خروجك ،

وكأن عيوني تعلن إضرابا شاملا عن النوم بعد تعودها على أن تكون ملامحك آخر ما تراه قبل انطفاء لمعانها.

أفكر كثيرا في حالة لو كنت أنا الغائبة وأنت المنتظر ، أعلم أن الفكرة مجنونة نوعا ما ،

لكن قد تجبرني الظروف على التأخر وأنت من تكون على الجانب الآخر ، هل كنت ستنتظرني مثلما أفعل؟

هل كنت ستقلق؟ ستهتم؟ ستشعر بالخوف علي مثلما أشعر أنا لحظة تأخرك؟!

أكيد أنك لن تفعل ، أنت حتى لا تهتم لما أقوله ، أنت حتى لا تستمع ، غارق في صحن طعامك وكأني مجرد غرض يصدر صوتا فقط.

أكره نفسي لأني أقول هذا لك وأنت لا تهتم ، أكره نفسي لأني أحببتك ، وأنت ..

قاطعني قبل أن أنهي كلامي وهو يتفرس في ملامحي باستغراب ،
ماذا!؟

إقرأ أيضا: كانت جالسة كعادتها حتى أتاها وقال لها تفضلي القهوة آنستي

أخذت أبتلع ما تبقى من ريقي الذي جف من حلقي ، سرعان ما تداركت الموقف ،

يبدو أني تحدثت كثيرا وقلت كلاما لم يكن علي قوله له ، تسارعت نبضات قلبي ،

اجتاحني الخوف دفعة واحدة من نظراته الحادة ، ماذا سيقول؟ ماذا سيفعل؟ ما الذي قلته؟

لماذا ، كان علي التزام الصمت ، أعلم أنه سيكسر قلبي بسخريته أو يقتله بصمته وإهماله.

احتسى كوب العصير دفعة واحدة وأخذ يحدق نحوي :

مشكلتكم أنتم النساء رؤيتكم للأمور دوما من زاويتكم فقط ،

تقنعن أنفسكن بأنكن ضحايا دوما وتحاولن إلقاء اللوم علينا نحن الرجال في كل الأحوال.

ألقيت بنظري نحو الأرض خوفا منه ومما سيقوله :

الإنتظار ، هذا ما تريدينه؟ ومن قال أنك وحدك من تنتظرين وأني لا أنتظر مثلك!؟

رفعت من عيناي مجددا وأخذت أنظر إليه وكل الذي داخلي متلهف لسماع ما سيقوله بعد.

أتعلمين أني منذ دخولي وأنا انتظر حديثك هذا ؟

أتعلمين أن نظراتك وتصرفاتك التي أحفظها تخبرني كل ليلة أتأخر فيها أنك تريدين قول شيء ما لي ، لكنك لم تفعلي!

وبقيت أنا أنتظر ، أنتظر الفرصة المناسبة لتقولي لي كل هذا!

وفرت لك كل هذا الصمت والهدوء رغم تعبي فقط لتريحي قلبي وتنهي فترة إنتظاري الطويلة!

أتعلمين كم انتظرت لتخبريني بمشاعرك نحوي ، أتعلمين كم دام انتظاري حتى أسمع منك كلمة أحبك؟

منذ سنة كاملة وأنا أنتظر ، منذ رأيتك أول مرة وأحببتك فيها ثم قررت خطبتك لتكوني لي كل العمر ،

منذ أن أحببتك وأنا أنتظر سماعها منك ولم أنزعج ، فعلت المستحيل فقط لأجعلك تحبينني وتصارحيني ،

لكنك تخافين ولم أشأ الضغط عليك.

إقرأ أيضا: تقول أحد الفتيات بعد أسبوع من الخصام

لم أصدق ما أسمعه منه ، هذا كثير علي ، كل هذا وأنا لا أعلم ، لا أشعر ولا أهتم؟

أمسك كفي بقوة بين كفيه وواصل حديثه :
أنا لست وحشا ، أنا زوجك فلماذا لم تصارحيني ،

لماذا جعلتني أنتظر كل هذا الوقت ، لماذا؟

لا أعلم ما كنت أعيشه لحظتها ، ولم أجد ما أقوله له ، لكني بكيت كثيرا ولا أعلم لماذا ، لا أعلم لما عجزت عن اجابته!

كان قويا حتى في حبه ولم أستطع النطق بحرف بعدها ، غير أن دموع السعادة والشوق كانت كفيلة لتجيبه مكاني ،

كفيلة لتخبره أني فعلا أحبه كما يتمنى وأكثر من ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?