براءة الأطفال
براءة الأطفال
عائدا من المستشفى التي أعمل بها بعد وردية ليل شاقة ، النوم يتلاعب بي.
توجهت للمقهى القريب من بيتي لتناول كوب من القهوة ، على أمل أن يبقيني مستيقظا لساعة أخرى ،
حتى أتمكن من إنهاء إجراءات تجديد بطاقتي الشخصية.
أشرت للفتى الذي يعمل بالمقهى ، فجاء على عجل ، أخبرته بما أريد ، أخرجت لفافة تبغ ، قمت بإشعالها ، في إنتظار قدوم الفتى بالقهوة.
لفت إنتباهي مجموعة من الأطفال يحملون حقائبهم الدراسية على ظهورهم ،
سائرين برفقة أبائهم وأمهاتهم للمدرسة ، تذكرت أن اليوم هو بداية العام الدراسي الجديد.
داعبت الإبتسامة شفتاي ، وأنا أتذكر تلك الأيام البريئة ، وأخذت أنظر للأطفال باستمتاع وأسترجع تلك الذكريات الجميلة عندما كنت في مثل عمرهم.
إستدرت بعيني للجهة المقابلة بحركة لا إرادية ، جذب إنتباهي ذلك الطفل الصغير الذي لا يتعدى عمره العشر سنوات ،
واقفا بجانب الطريق ، يحمل كيس كبير الحجم من البلاستيك الأسود على ظهره ،
يرتدي ملابس بالية ، ينتعل حذاء مهترء تبرز منه أصابع قدميه.
يفتش داخل صناديق القمامة على بعض الزجاجات البلاستيكية الفارغة ، يضعها بداخل الكيس الذي يحمله على ظهره.
أثناء إنهماكه فيما يقوم به توقف فجأة ، وأخذ ينظر للأطفال الذاهبين للمدرسة.
رغم بعد المسافة رأيت دمعة تنساب من عينيه سرعان ما أمتدت يداه المتسختين لمسحها ،
قام بعمل فتحتين بالكيس الكبير الذي يحمله ، وضع يديه الإثنتين بداخلهما ،
كأنه حقيبة ظهر كالتي يحملها الأطفال الذين ينظر إليهم ، تلاقت عيوننا لثواني ،
رأني أدقق النظر إليه ، إبتسم على استحياء ، وانصرف مسرعا.