بعدما توفى عمر بن عبد العزيز آلت الأمور إلى يزيد بن عبد الملك
بعدما توفى عمر بن عبد العزيز آلت الأمور إلى يزيد بن عبد الملك وكان ظالما ، ثم ولى يزيد عمر بن هبيرة أميرا على العراق ،
وكان يزيد يرسل لإبن هبيرة الكتاب تلو الكتاب ويأمره بإنفاذ ما فيه رغم ما فيه من ظلم ومخالفة!
فدعا عمر بن هبيرة الإمام الحسن البصري والإمام الشعبي ثم قال لهما :
إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك قد ولّاني أمر العراق وهو يرسل إلي أحيانا كُتُبًا يأمرني فيها بإنفاذ ما لا أطمئن لعدالته ،
فهل تجدان لي في متابعتي إياه وإنفاذ أوامره مَخرجًا في الدين ؟
فقال الشعبي كلاما فيه مُلاطفة للخليفة ومسايرة للوالي ، والحسن ساكت.
فالتفت إبن هبيرة للحسن وقال له : وما تقول أنت يا أبا سعيد؟
فقال الحسن : يا إبن هُبيرة ، خَفِ الله في يزيد ولا تَخَفْ يزيد في الله ،
واعلم أن الله عز وجل يمنعك من يزيد وأن يزيد لا يمنعك من الله.
يا إبن هبيرة ، إنه يوشك أن يَنزلُ بك مَلَكٌ غليظٌ شديد لا يعصي الله ما أمره فيُزيلك عن سريرك هذا ،
وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك حيث لا تجد هناك يزيد ، وإنما تجد عملك الذي خالفت به رب يزيد.
يا إبن هبيرة إنك إن تك مع الله تعالى وفي طاعته يكفك بائقة يزيد بن عبد الملك في الدنيا والآخرة ،
وإن تك مع يزيد في معصية الله فإن الله يكلك إلى يزيد.
واعلم يا إبن هبيرة أنه لا طاعة لمخلوق كائنًا مَن كان في معصية الخالق.
فبكى عمر بن هبيرة حتى بلل لحيته ، ومال لرأي الحسن البصري عن رأي الشعبي وبالغ في إكرامه وتعظيمه.
فلما خرجا من عنده وتوجها للمسجد إجتمع عليهما الناس وطفقوا يسألونهما عن أمرهما مع أمير العراق.
إقرأ أيضا:
فالتفت الشعبي إليهم وقال : أيها الناس من إستطاع منكم أن يؤثر الله عز وجلّ على خَلقِه في كل مقام فليفعل ،
فوالذي نفسي بيده ما قال الحسن لابن هبيرة قولًا أجهله ،
ولكني أردتُ وجه إبن هبيرة ، وأراد الحسن وجه الله ، فأقصاني الله من ابن هُبيرة وأدنى إليه الحسن وحببه إليه.