إسلام

بعد أن آمن السحرة برب موسى وهارون

بعد أن آمن السحرة برب موسى وهارون قال لهم فرعون ( قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ).

وهذه الجملة تدل على أن فرعون اضطرب اضطرابا شديدا وذهل عقله إلى درجة الإتيان بالعجائب في مقولته تلك ،

ومن تلك العجائب :

قوله للسحرة(آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) وهي جملة في غاية الغباء لعدة أسباب :

أنّها أوحت للمستمعين بأن الإيمان لموسى عليه السلام متاح لكن بشرط إذن فرعون ،

بمعنى أن فرعون لم تكن عنده مشكلة في إيمان السحرة لكن مشكلته الكبرى في عدم أخذ الإذن منه!

أن الكل يعلم أنه لا أحد يجرؤ على أخذ الإذن من فرعون أصلا لليقين التام بأنه لن يأذن ،

وهذه تشبه أن يفكر ولد باستئذان والده في تعاطي الممنوعات ،

بمعنى أن فرعون أخذ على السحرة عدم فعل شيء مقطوع بنتيجته.

أن فرعون بمقولته تلك نقل مسألة الإيمان لموسى عليه السلام من مرحلة القطع إلى مرحلة الشك ،

فطرْح مسألة الإذن بحد ذاتها تعطي أملا ولو بنسبة واحد من المليون بإمكانية الإيمان لموسى ،

وهذا عكس مقصد فرعون الذي حشد السحرة وشن حربه على موسى عليه السلام كي لا يؤمن به أحد.

قوله (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) وهذه الجملة أيضًا حوت وجوها من الغباء منها :

أنّها نسفت الجملة التي سبقتها ، فما دام موسى عليه السلام كبير السحرة فما قيمة الحديث عن الإيمان به ، وطلب الإذن؟!

أن تعلم السحر وتعليمه ليس مجرّما في قانون الدولة التي يحكمها فرعون ، بل هي تدعمه وتسانده ،

وعليه فإنّ إيمان السحرة بكبيرهم وتسليمهم له ليس فيه ما يوجب غضب فرعون.

إقرأ أيضا: همسة إيمانية!

أنّ إيقاع فرعون عقوبة القتل والتقطيع على السحرة (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ)

على فعل لا تجريم فيه قانونا أعطى دليلا دامغا على صدق موسى عليه السلام وأن فرعون طاغية متجبّر.

لذلك ترى أهل الباطل دائما معهم المال والسلاح والسلطة والقوة والنفوذ والسجون ولهم السيطرة الكاملة ،

ومع ذلك يؤرّق مضاجهم ويزلزل كيانهم كلّ حرفٍ في كلمة(الحق) فيواجهونه بالبطش والقوّة المفرطة كأنه جيش وحده.

1 3 4 10 1 3 4 10

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?