بلغوا أبناءكم وبناتكم خريجي الثانوية العامة
بلغوا أبناءكم وبناتكم خريجي الثانوية العامة أن المستقبل أكبر من أن يرسمه مجموع أو تحدده كلية أو جامعة.
المستقبل غيب ، والمستقبل رزق ، والرزق قد تسعى إليه ويمنعه الله عنك ، لا لأنك لا تستحقه ، ولكن لأن فيه هلاكك.
كم من طبيب قتله المرض؟! وكم من ضابط قتله الغرور؟! وكم من حالم ببعثة كان فيها ضياع دينه ودنياه؟!
مستقبلك حيث يختار الله لك وإن كان على غير إرادتك!
منذ أيام هاتفتني زوجة حديثة عهد بزواج ، زوجها في بعثة دراسية ، وكان من أوائل طلاب الثانوية ،
وهو اليوم في أرقى دول العالم يستكمل دراسته ، بينما هو في الحقيقة لا يفيق من السكر ،
ولا يتوقف عن العهر ، والشيء الوحيد الذي تجرأ على تركه صلاته وإيمانه!
بينما صاحبه الذي لم تتح له الفرصة قد يكون أهدأ حالا وأهنأ بالا!
لا أقول أن هذه هي القاعدة لكل متفوق ، لكنني أقصد الأنموذج فيما قد تئول إليه أمور أحدنا من أمر بكى لفواته واغتاظ لفقده.
أي صديق كان مجاله في الثانوية علمي رياضيات ولم يسعفه مجموعه أن يدخل كلية الهندسة ،
بينما هو الآن من أكبر أساتذة علم اللغة في جامعات مصر ، وغير مصر!
المستقبل بيد من أتى بك من الماضي وأحياك الحاضر ، وقد تلطف بك في ماضيك وحاضرك ، أفيضيعك في مستقبلك؟!
حاشاه سبحانه.
سلموا لله أموركم ، أنتم وأنتن ، ولا تختزلوا مستقبلكم في درجات أو مسارات أو جامعات.
فالقمم نصنعها نحن ولا تصنعنا هي.
أما أنتم يا معاشر الأباء والأمهات فلا تكونوا عونا لأولاكم على اليأس والبؤس والإحباط ،
علموا أولادكم أنهم أغلى من المجموع ،
وأن شرف البذل وعرقه يريح الضمير حتى وإن لم نصل ،
إقرأ أيضا: إبني علاقة طيبة مع أهل زوجك
وأن القمة ليست في الكلية وإنما في الطالب الذي يصنع قمته ، وأن الله لا يضيع عمل عامل ،
لكنه يختار له سبحانه ، واختيار عالم الغيب والشهادة سبحانه أفضل ألف ألف مرة من اختيار من لا يستطيع أن يرى ما وراء جدار غرفته.
علموهم أن الثانوية ليست نهاية المطاف ، وأن التميز جولات ، والتفوق حلقات لا تعدو الثانوية أن تكون إحداها.
علموهم أن مقاييس الناس دائمة الخطأ ، وأن علي أن أستعين بالله وأنطلق ، وفضله سبحانه ينتظرني ورزقه يسبقني.
قال رجل للشافعي رحمه الله : إن أردت أن تعيش في مصر ، فلا بد لك من عشرين ألف دينار ، ومجلس تتقرب فيه من السلطان!
فقال له الشافعي : يا هذا ، لقد ولدت في غزة وربيت بالحجاز وما في بيتنا قوت ليلة ، من لم تعزه التقوى فلا عز له.
ومرت الأيام حتى كان السلطان يتمنى مجالسة الشافعي.
على هذا ربوا أولادكم ، وبهذا ذكروهم ، فهم والله أحوج لهذه المعاني التربوية من حاجتهم لمجموع الثانوية.