بينما أنا جالس على أريكتي أطالع رواية كنت حينها لا أزاول على إنهائها ،
في يوم مشمس ذا حرارة مرتفعة ؛ شممت رائحة حريق ، لأول وهلة شككت بأنها رائحة دخان إحدى السيارات التي تشبه رائحتها الحريق ؛
لكن سرعان ما تزايدت رائحته تنتشر في كل أرجاء البيت ،
تفحصت خارجا من النافذة لألمح من أين مصدر الحريق ؟
شككت لوهلة أن شخص ما أشعل نارا خارجا والدخان تسلل من النوافد بحيث كانت مفتوحة للتهوية.
لكن ما من شيء ، راح الشك يتسلل لذاتي مما بث في الفضول لأتحرى مصدر هذا الدخان ،
أسرعت لأتفقد المنازل ، أولا غرفتي ، ثانيا غرفة الماما ولحد اللحظة كل شيء طبيعي.
المطبخ فإذ بي أرى الفاجعة والمصيبة أي أن مصدر رائحة الدخان الذي يصيبني بالإختناق هو أن أمي أحرقت الفطور وهي ربة بيت مثالية ،
هرولت لأتفقد ما جرى ، لكني نسيت أمر الإحتراق حينما وجدت جثة أمي مستلقية هامدة على أرضية المطبخ قد فارقت الحياة ،
ولقيت مثواها بجانب قِدر الفطور الذي كانت تحضره لإشباع أفواه المنزل.
سبب الإحتراق المنبعث هو وفاة أمي بسبب سكتة قلبية أصابتها وأخذتها مني وتركتني وحيدا أتخبط ما يوجدفي هذا العالم المدمر.
إقرأ أيضا: قدر
اه يا ليتك متِّ بين أيدي لعل هاته الحرقة قد إنطفأت وهمد ذاك الشعور ،
مر شهر كامل على جنازتها وما زلت أشم ذاك الإحتراق الذي يشعرني بالإختناق ،
ما زلت أخبر جارتي “أسماء” أنني أشم رائحة الإحتراق تلك في منزلنا بالرغم من أن الحادثة قد مر عليها واحد وثلاثون يوم.
قدمت لي نصيحة لعله يكون حل مناسب ألا وهي أن أرمي بالقدر الذي إحترق أثناء الحادثة ، عملت بنصيحتها ، لكنني لا زلت أشم الرائحة.
حين يجتمعون إخوتي وزوجاتهم في غرفة الجلوس يتحاورون عن أمور الورث الذي تركها جدي لأمي والتقسيم وغيرها ،
أشمها كلما رأيت أبي يفكر وهو مستريح في إحدى زوايا المنزل يخمن في الإرتباط بشريكة حياته الجديدة التي تعتني به وبي ،
وتأخد مكان أمي في ترتيب أمور البيت ، أشمها كلما جلست في شرفتي المطلة على بيت خالاتي الجالسين مع بعض ،
وأمي ليست معهم ، أشمها كلما مررت بقبرك ، رائحة الإحتراق منبعثة مني يا خالة أسماء.
فراق الأم محرق يا خالتي.