بين الوحدة والعزلة
العزلةُ يا صديقي لا تعني أبداً أن تكون وحيداً ؛ و كثيرٌ من البشر لا يفرّقون بين الوحدةِ و العزلة ،
ولا يعلمون بأنّ هنالك فرقٌ شاسعٌ بينهما ، فالعزلةُ هي منارةٌ للإبداع و أرضٌ خصبةٌ للنجاح ،
و هي جنةٌ للأمانِ و الإطمئنان ، وكوكبٌ للرّاحة و السّلام .
و هي سفينةٌ رُبّانُها الإلهامُ و الخيال ، موطنٌ للأرواحِ المتعبة ، و مقهىً لأحلام البُسطاء ،
العُزلةُ مَرهمٌ و دواءٌ للعلل و الأسقام ، وبلسمٌ و شفاءٌ للرّوحِ و للإنسان ،
هي كاستراحةِ مقاتلٍ في خِضَمِّ حربٍ َضَروس ،
العزلة يا صديقي هي أن تعتزلَ كلّ ما يؤذيك و أن تكون بعيداً عن ضجيج البشر ،
قريباً من ذاتك الإبداعية ، مستكشفاً لها ، و باحثاً عنها ، هذه هي العزلة يا صديقي ؛ أرأيتَ كم هي جميلة ؟!
و أما الوحدةُ يا صديقي ، فهي ليست كما يظنُّ الجميع ؛ بأن تكونَ وحيداً بمفردكَ ،
ليس لك صديقٌ و سندٌ أو ولا ملاذٌ أو ملجأ.
فهذه أشياءٌ عابرةٌ و مؤقتة تمُر ّبمرورِ
الأيّام و لكن ! أتدري ما هي الوحدة ؟!
الوِحدةُ يا صديقي هي أن تكون وحيداً بين الملايين غريباً بينهم !
تمرُّ بهم كلّ يوم و مع ذلك تشعرُ بالوحدة تقابلهم في كلّ مكان ؛ ولا تشعرُ إلّا بالوحدة !
الوحدة في عدم الإنتماء ، الوحدة في عدم الإنسجام ، في صعوبة الإندماج و التأقلم مع محيط لا يلائمك ولا يشبهك بأيِّ شكلٍ من الأشكال ،
الوحدة هي أن يقول لك أحدهم : كيفَ حالك ، و لا تجرؤ بأن تقول له بأنّك لست بخير ،
وثمّ تبتسم وتقول بأنك بخير !
فالوحدةُ هي الكتمان و عدم الجرأة على البَوح ؛ و باختصار :
إقرأ أيضا: إني وجدت بين الإنسان والبعوض شبها قريبا في صفات كثيرة
” الوحدةُ هي أن تعيشَ مع أُناسٍ يجعلونك تشعُر بالوحدة ” ؛ فهنا تكمنُ الوحدة و هذه هي الوحدةُ الحقيقية!