تأثير القمر
تأثير القمر
عمر رجل أعمال متزوج ، وله إبنة إسمها شمس.
شمس جميلة وذكية ، شأنها شأن أي فتاة صغيرة تحب أباها كثيرا لكنها لا تحظ منه بالوقت الكافي لإشباع شوقها وحبها ،
فهو دائما مشغول.
وحتى عندما تطلب منه أن يخرج معها ليشتري لها شيء ما من الخارج ،
فإنه يفعل الأمر بسرعة ، حيث يأخدها بالسيارة فيشتري لها ما تريد ثم يعود بها إلى المنزل.
لم تيأس شمس ، فلابد أن تأخد حقها بيدها هذه المرة.
في الصباح إستعدت شمس أجمل إستعداد ، وقامت أمها بتسريح شعرها بالشكل الذي تحبه ،
وقفت منتظرة ظهور فارسها ليأخدها في جولة.
ظهر الأب فجأة عند الباب وهو غير مرتب ، ثم نادها ، شمس هيا بنا ، لا زال العمل أمامي.
ركبا السيارة معا ، وأحست كالعادة أنه منزعج ومستعجل وسيفعل الأمر بسرعة ويعود بها إلى البيت ،
إقتنت شمس بعض الدمى وبعض الألعاب ثم أخبرته أنها جائعة ، فاشترى لها عصيرا وعلبة ياغورت بالفواكه.
ثم هم بالمغادرة مهرولا نحو السيارة ، لكن شمس توقفت ولما شعر أنه لوحده ، إلتفت فوجدها واقفة ، فعاد إليها قائلا ، ما بك.
ردت وهي محبطة أشعر بالجوع.
الأب وهو منزعج ، عندما نصل إلى السيارة ستأكلين ، هنا ممنوع الأكل.
ثارت قائلة
لا لن أحتمل حتى نصل إلى السيارة ، أريد هنا والأن.
إختلطت مشاعر الغضب والرأفة والقلق في نفسية الأب وهو ينظر إليها ، فاستسلم لها قائلا ، حسنا.
نزعت نعليها لتجلس عليهما وجلس هو قبالتها وسط الشارع ، فتح علبة الياغورت الخاص بها وهو لا زال منزعج ،
شعر بأنه تعرض للخداع.
مد يديه ليطعمها ، لكنها رفضت فتح فمها
الأب : إفتحي فمك.
إقرأ أيضا: القواعد الأساسية لحياة سعيدة بعد الأربعين وخمسين عاما
شمس : لا
الأب في إستغراب : لماذا ؟
إبتسمت إبتسامة المنتصر قائلة :
لأن الطعام لا يطيب ، ومن نحب غير مبتسم.
ضحك ، وأحس بأنه لم يعد متوتر
حسنا لقد إبتسمت ، إفتحي فمم الأن.
لكنها رفضت.
الأب في تعجب : ما بك أنا مبتسم.
شمس : لا ، أنت لا تقولها لي بهذه الطريقة.
الأب: اه نسيت ، إفتح يا سمسم.
وإذ بثغرها الذي يشبه زهرة السمسم ، فتح بطريقة ساحرة جعلت الأب يدقق تفاصيل إبنته جيدا ،
عيناها الخضروتان ، عطر النعناع الذي يفوح منها.
لم يكن يعلم أن إبنته لها شامة صغيرة بحجم حبة العدس تحت أذنها اليمنى ، وأن لون شعرها ليس بني إنما يميل إلى الحمرة قليلا.
حقا إنها بدأت تكبر ، يسأل نفسه كيف لم يلاحظ هذه التفاصيل الخلابة طول ست سنوات.
كان فيها غارقا في العمل ، وأدرك أخيرا أن إبنته فعلت كل هذا لتحظ بوقت أطول معه.
وأن هذا ما كانت تحاول فعله دائما ، وهو لم يلاحظ هذا لأنه كان غارقا في العمل.
فقال لنفسه والعمل لا ينتهي والعمر ينتهي ، واللحظات لا تعود وإبنتي تكبر وأنا لا أستمتع ولا أعايش ذلك.
يتوقف عن إطعامها مخاطبا إياها
شمس ، ترد في فرح.
نعم يا عيون شمس.
هل تودين الذهاب إلى مدينة الألعاب
لم تصدق ما سمعته ، ترد.
نعم أكيد ، أود بشدة.
إذن هيا بنا نأخد أمك معنا ونقطف لنا بعض اللحظات الخالدة.
أعط لكل شيء حقه ، قبل فوات الأوان.