تزوجت ضريرا
تزوجت ضريرا
انا حورية أبلغ من العمر ستون عاما ، لا أعمل ولم أكمل دراستي ، حظي من الجمال قليل للغاية ،
لم يتقدم أحد لخطبتي حتى تخطيت الثلاثين.
وفجأة تقدم شاب قالت لي الوسيطة (الخاطبة) أنه شاب في الثالثة والثلاثين من عمره ، لم يسبق له الزواج ،
يعمل مع والده في شركته الخاصة ؛ وأحضرت صورة له.
كان يبدو وسيما للغاية ، سألت نفسي : إذن لماذا تقدم لمن لا تمتلك شيء؟ وكأنّ حزنك لم يكُن.
وهنا علمت بالمفاجأة ، أنه فقد بصره في حادث منذ خمسة أعوام ، وأجرى العديد من العمليات ، ولكن دون فائدة ،
جلست أندب حظي وأبكي ، ولكن قالت لي جدتي رحمها الله : لعل في الضرير حياة يملأها العبير ، اجلسي معه أولا ثم قرري.
وبالفعل جلسنا كم هو رائع ، خفيف الظل ، يأسر القلب في ثوان معدودة.
تمت خطبتنا وتزوجنا في شهرين ، الحقيقة في البداية كنت خائفة للغاية من عدة أشياء ،
أولها ما رواه لي عن نفسه قبل إصابته في الحادث ، كيف كان دائم السهر ، يعشق الجميلات ، ولا يحب المسؤولية ،
والسبب الآخر أنه ربما سوف يحملني ما لا أطيق من أعباء خاصة به ،
ولكنه فاجئني أنه يفعل كل شيء بمفرده ، بل ويساعدني أيضا ،
فقد تغير تماما وأصبحت بصيرته عالية جدا ، وأنجبنا أطفالنا الأربعة ، كان حنونا للغاية ، لم يشعرني مرة واحدة بعجزه ،
قام بكل واجباته كزوج وأب بلا تخاذل.
أحببته بجنون ، كنت مذعورة من فكرة عودة البصر له فيراني ويعود لحياته السابقة ، فأنا لست جميلة.
ظل يجاهد لسنوات ليزرع قرنية وكل مرة تفشل العملية ، ومع ذلك لم يستسلم ، فالله له حكمة في التأجيل.
إقرأ أيضا: تقول ٳمراة كنت دوما أتشاجر مع زوجي
ومرت عشرة أعوام كحلم ، وفجأة تم التجهيز للعملية ونجحت تلك المرة ، وأخبرني الطبيب أنه أصبح يرى ،
انزويت في زاوية الغرفة ، وضعت أمامه أطفالنا ، ولم أتجرأ على الإقتراب ، ظل يقبل في الصغار ثم أمه وأبوه ،
وبعدها بدأ يتجول بعينيه في أنحاء الغرفة بحثا عني ، وعندما رآني قال عروسي الجميلة أخيرا رأيتك.
جرت الدموع من عيني ، فقال اقتربي أريد أن أراكِ جيدا ، كانت قدماي لا تحملني ، أمشي بصعوبة ،
وعندما اقتربت ضحك وقال أجمل من ما تخيلت بكثير ، وقبل يداي أمام الجميع.
ظل شيطاني يأكل رأسي ، لعله فعل ذلك حتى لا يجرحني أمامهم ، وسوف تتغير معاملته تدريجيا ،
ولكن ذلك لم يحدث ، فقد زاد حبه ودلاله لي ، وأنا أيضا.
فبالرغم من وجود الجميلات حوله في العمل والعائلة إلا أنه لم ينظر لإحداهن يوما ،
توفي والداي في حادث وانطويت على نفسي من الحزن ، فأخد مكان أبي وأمي في غمضة عين ، واعتبرني ابنته التي لم ينجبها ،
ومرت سنوات ولم يتغير ، وأدركت فيها حكمة الله فيما فقد ، فلولا أنه فقد بصره لم يكن ليراني من الداخل ،
وفعلا صدقت جدتي حين قالت : لعل مع الضرير حياة يملأها العبير.