تزوج رجل فقير بفتاة فقيرة ووضعت منه ثلاث أولاد ، لم تجد منه إلا الجفاء والضرب والإهانة ،
كان سيء الخلق بذيء اللسان ملأ الرعب في قلوبهم لا يسمع لأحد.
تركهم بدون أن يترك لهم قوت يومهم ، وتزوج من أخرى لمالها ، وهي تزوجت منه لقوته وشبابه.
مرت عشر سنوات لا يعلم أين أبناءه وزوجته ، وقد خارت قواه وذهب شبابه ، ولكن زوجته ما زالت بشبابها ،
فتغير الحال معه لم يسمع كلمات كما سبق وظهر الملل على الزوجة ، طلبت منه الطلاق وتم طرده من بيتها ،
فضاق به الحال ولم يجد ما يأكله حتى قطعة خبز.
مرت الأيام وظهرت عليه علامات المتسولين متسخ الجسد رث الثياب ، وكان مبيته تحت إحدى الجسور ،
وكان يظهر عليه الخوف من صوت الأقدام التي تقترب منه خوفا من إيداعه إحدى المصحات أو السجون.
مرت الأيام والسنين وصار أهل الخير يشفقون عليه بوجبة غداء ،
وعرض عليه أحدهم المساعدة بأن يأخذه إلى إحدى المدن القريبة ليعمل عامل نظافة في إحدى المستشفيات داخل كراج سيارات بها ،
واهتم به هذا الرجل وحممه واشترى له ثياب نظيفة.
وهكذا تغير الزوج وأصبح نظيفا نوعا ما.
وفي إحدى الأيام دخلت سيارة فارهة ، تقدم الرجل وفتح باب السيارة ويرحب به ،
وإذا بسيدة تجلس بجانب صاحب السيارة وقد تعرفت عليه تماما أنه زوجها وصاحب السيارة أحد أبناءه.
نظرت إليه نظرة تعجب لسوء حالته ومدى تغير وجهه وعلامات المرض تجوب ملامحه ،
الإبن ترك أمه في السيارة لدقائق وذهب.
إقرأ أيضا: يروى أنه كان لأحد الأشخاص خروفا أراد بيعه
سألت الزوجة زوجها هل تعلم من أنا ، قال نعم أعلم أنتِ زوجتي التي تركتكِ وأولادي دون وجبة عشاء ،
قالت له وهذا ولدي صاحب المستشفى التي أنت تعمل بها عامل تغسل السيارات!
وأنا قد أكرمني الله وتزوجت بعد طلاقي منك غيابيا برجل ثري جدا وقد تغيرت أحوالنا للأفضل ،
ولولا قساوة قلبك وجفائك ما كان ولدي أصبح طبيبا كبيرا ولا باقي أبنائي في أعلى المناصب.
كنتُ أتخيل أنه من سوء حظي زواجي بك ، لكن علمت أن الله ينصف المظلوم ويقدر كل خير لعباده ،
وحتى إن كانت بدايته صعبة ، فلولا تركتنا وهجرتنا لما تحسنت أحوالنا.
وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم.
سبحانك ربي ما أعظمك.
فمن حكمته أنه يختار لنا الخير ونحن لا نعلم ، بل نحن من يستعجل الأمور.