تعرفت عليها لأول مرة في الرؤية الشرعية بعدما وقع عليها الإختيار من طرف والدتي لتكون زوجة لي.
كانت ذات خلق عال وتملك قدرا وافرا من الجمال من شأنه إبهار أي رجل ،
لكني اكتشفت خلال فترة عقد القران ما جعلني أشعر بنوع من الندم لأني تسرعت ولم أدرس شخصيتها بشكل كاف.
إذ بدأت في ملاحظة إنسياقها الأعمى خلف والدتها ، حتى أبسط الأشياء كانت تنتقيها لأن والدتها من طلبت منها ذلك ،
حاولت بلطف ولعدة مرات أن أنهرها عن هذا خصوصا أن والدتها باتت تتدخل حتى في أصغر الأشياء التي تتعلق بنا ،
لم أكن أشعر بأي حرية أو خصوصية وأنا معها لوجود صوت وأوامر والدتها أينما ذهبنا أو مهما فعلنا.
لكني تجاوزت عن ذلك وأقنعت نفسي أنها بعد الزواج ستستقل بحياتها ،
لكن لم يحدث ذلك بل امتدّ لأشد أسرارنا حساسية حتى تلك التي تتعلق بعلاقتنا الخاصة ،
وإذا رفضت لها طلبا أجدها بعد ساعة من التحدث معها عبر الهاتف تأتي لتلقي على مسامعي كل ما أوصتها به.
غدت الحياة كجحيم في كل لحظة تمر لكن قبل أن أقرر الإنفصال علمت أنها تحمل طفلي ،
حينها وقعت بين إحتمالين لا ثالث لهما ، الأول هو أن يتربى إبني بينها ووالدتها فيصبح إما خاضعا لجدته أو متسلطا مثلها.
والإختيار الثاني هو أخذه منها فيفقد حنان الأم ليعيش يتيم أم حية طوال حياته.
بعد تفكير مضنٍ وصلت إلى حل واحد هو قطع إتصالها بوالدتها لفترة تكفي لتنسلخ منها وتبني شخصيتها الخاصة ،
تفاجئت بعد ذلك بطفلة تائهة تعجز عن إتخاذ حتى أبسط القرارات ،
أخبرتني أنها منذ نعومة أظفارها ووالدتها هي التي تقرر بدلا عنها ، هي من اختارت أصدقائها ، وتخصصها في الجامعة ،
هي من أمرتها بالزواج بي رغم أنها لم تأخذ فرصتها للتفكير ، حتى أنواع الأطعمة التي تتناولها وذوقها في الملابس ،
كانت تابعة لها بكل ما للكلمة من معنى ، لا تملك أدنى حرية في انتقاء ما يرضيها.
إقرأ أيضا: كانت تريد تنصير مسلمة فأسلمت قصة إسلام جميلة جولي
شعرت بالذنب لأني بدل محاولة مساعدتها على بناء كيانها ،
مع الوقت ومع جهودي في مشاورتها في أي قرار قبل أن أتخذّه مما عزَّزّ ثقتها في نفسها ،
قضينا تلك الفترة في مكان تجهله والدتها حتى لا تحاول هدم ما حاولت بنائه بعد ترك رسالة لها أننا سافرنا لقضاء إجازتي السنوية.
أولادكم أمانة وليسوا أدوات لتحققوا ما عجزتم عنه فترة شبابكم ،
عززوا ثقتهم بأنفسهم وعلموهم اتخاذ قراراتهم بأنفسهم حتى يستطيعوا مواجهة قسوة العالم في غيابكم.