تقول الأسطورة أن راعيا كان يرعى خرافه في الغابة
تقول الأسطورة أن راعيا كان يرعى خرافه في الغابة ، وكان من عادته أن يضرب في مزماره ألحانا عذبة.
فحدث مرة أن إستعذبت حية ألحان مزماره ،
فدخلتْ إلى جحرها وأخرجتْ ليرةً ذهبيةً وألقتها أمام الراعي!
أخذ الراعي الليرة الذهبية وعاد إلى بيته مسرورا.
وفي صبيحة اليوم التالي قصد المكان ذاته ، وبدأ يضربُ في مزماره ألحانه العذبة ،
فخرجت الحية ترقص وتتمايل طرباً ،
ثم دخلتْ جحرها وأخرجتْ ليرةً ذهبيةً وألقتها بين يديه!
إستمرَّ الحال على هذا المنوال ، وبدأت أحوال الراعي تتحسن ، فقرر أن يذهبَ لأداء فريضة الحج ، وأوصى إبنه بالقطيع ،
وأوصاه أيضاً أن يرعى حيث يشاء إلا في تلك البقعة دون أن يخبره عن السبب!
ساقَ الإبن القطيع إلى المرعى ثم قال في نفسه : ما نهاني أبي عن الرَّعي في تلك الناحية إلا لأمر ما ،
ودفعه الفضول وحماس الشباب إلى إكتشاف المجهول.
ذهبَ بالقطيع إلى الناحية التي نهاه عنها أبوه ،
وبدأ ينفخ في مزماره فخرجتْ الحية على عادتها ترقص وتتمايل ،
ثم دخلتْ إلى جحرها وأخرجتْ ليرةً ذهبيةً وألقتها بين يديه!
أخذ الإبن الليرة الذهبية وعاد إلى البيت وهو يقول في نفسه :
لا شكَّ أنَّ هذه الحيّة تُخفي كنزاً كبيراً ، سأقتلها وآخذُ الكنز وحدي!
صبيحة اليوم التالي أخذ سيفه ومزماره عاقداً العزم على قتل الحية وأخذ الكنز!
بدأ يعزفُ ألحانه فخرجتْ الحية طَربةً كعادتها كل مرةٍ ، فاستلَّ سيفه وعاجلها بضربةٍ قطع لها ذيلها فلدغته فإذا هو جثة هامدة!
إقرأ أيضا: يحكى أن في يوم من الأيام جمع الملك كل حكماء مملكته
عاد الأب بعد أن أدى فريضة الحج فأخبروه كيف وجدوا إبنه صريعَ لدغةِ أفعى ،
فعرفَ أنَّ هذا من صنيع الحية التي يعرفها ،
فأضمرَ الشرَّ في نفسه ، وعزمَ على الثأر!
ذهبَ إلى حيث اعتاد أن يرعى في الأيام الخوالي ، وبدأ يضربُ في مزماره ألحانه القديمة ،
فخرجتْ الحية كما كانت تفعل ،
ثم عادت بسرعةٍ ودخلتْ جحرها ، وأخرجتْ ليرةً ذهبيةً ، وألقتها للراعي.
وقالت له : خذها وامضِ ، فأنتَ لن تنسى إبنكَ ، وأنا لن أنسى ذيلي!
لا أحد ينسى جراحه يا صاحبي ،
مهما مرَّت الأيام على الجرح ،
وغطَّتها رمال الزمن إلا أنها تبقى تنِزُّ على الدوام!
الجارح سيبقى متخوّفاً من الإنتقام ،
والمجروح سيبقى متحيّناً فرصة للثأر!
أسوأ ما في الجراح ليس الألم المصاحب لها ، وإن كان هذا موجعاً لا شك ،
وإنما الأسوأ هو إنكسار الثقة!
فلا المطعون سيثق مجدداً ،
ولا الطاعن سيصدق أن الصفحة قد طُويت!
يا صاحبي ، بعض الجروح لا ينفع معها إلا أن تلملم خيبتك وتمضي!