تقول تعرضت لحادث عندما كنت في سن العشرين
تقول تعرضت لحادث عندما كنت في سن العشرين انجَّر عنه فقداني للرحم ، تدمر حلم الأمومة بين ليلة وضحاها ،
كلما تقدَّم أحد الخاطبين تراجع في آخر لحظة عندما أصارحه بالحقيقة ،
رغم إصرار الجميع بإخفاء ذلك لكني لم أرد يوما أن أبدأ حياتي بكذبة ستجعلني أخسر نفسي قبل الطرف الآخر ،
مرّ بي قطار العمر حتى شارفت على بلوغ الأربعين من عمري وفي قلبي ألف خيبة وخيبة ،
نظرات الناس وكلماتهم الجارحة ، ومن تحلى بالصمت تجلدني نظراته المشفقة ،
حزني لم يكن على تأخر زواجي بقدر حقيقة أني لن أغدو أما يوما ، لن أنال تلك الهبة أبدا ،
تظاهرت بالتعافي وكان عزائي الوحيد هو عملي الذي أعشقه ،
كل الحنان الذي خبّأته بداخلي بسبب اعتقاد الجميع أن عقمي سيجعلني ألحق الأذى بأطفالهم منحته للصغار في الروضة ،
تلك كانت جنتي وملاذي ، إبتسامة كل طفل كانت بلسما لجروحي ،
ففي هذا المكان أستطيع تقديم حبي وأمومتي دون أن تحاوطني الأبصار الحذرة ،
أكثر من كان يحوز على اهتمامي هما أولئك التوأم ، شيء بداخلي انجذب نحوهما دونا عن الجميع ،
ربما لأني علمت أنهما يتيما الأم.
يوما بعد يوم ازداد تعلقي بهما حتى بتُّ أعتبرهما أبنائي ،
لأتفاجئ بأحد الأيام بوالدي يخبرني أن هناك من يرغب في طلب يدي للزواج ،
رفضت في بادئ الأمر خشية تجرع نفس العذاب بعدما تأقلمت على وضعي لكن إصراره جعلني أرضخ ،
لأجد أمامي رجلا أربعينيا يبعث الراحة في نفس من يراه ، شعرت بشيء يتحرك بداخلي فور رؤيته لكني ألجمته بصعوبة.
قبل أن نتحدث في أي شيء لابد لك أن تعرف حقيقة من شأنها أن تجعلك تتراجع.
إقرأ أيضا: المقامر
وما هي؟
أنا لن أستطيع جعلك أبا أبدا.
وأنا أيضا هناك حقيقة لابد لك معرفتها ربما تجعلك تتراجعين ، أنا هنا في المقام الأول لأجل أبنائي ، مالك وليان.
هل أنت والد التوأم؟
أجل ، هما لا يتوقفان عن الحديث عنك ، شعرت أنهما يحصلان على حنان الأم الذي لا يعرفان ماهيته ،
منذ وفاة زوجتي لم أفكر في الزواج مرة أخرى خوفا من أن أحضر زوجة أب تقسوا عليهما بدل أن تكون والدتهما ،
لكن بعد كلامهما عنك ، سألت عنك ولم أجد إلا طيب الكلام عنك ، ربما تشعرين بتقليل منك جرَّاء كلامي هذا ،
لكن الأيام ستكون كفيلة بزرع حبك في قلبي ونعيش في سعادة افتقدها منزلي منذ سنوات.
أيقنت في تلك اللحظة أن الله رزقني من حيث لا أحتسب ، وجدت فيه نعم الزوج والأب.
فور دخولي لمنزله غدوت ملكته لا مجرد إمرأة اتخذها أما لطفليه ،
عشت في كنفه كمراهقة تتعلم أولى أبجديات الحب على يديه ،
لم يشعرني أني أنثى فاتها قطار العشق بل أنساني أني أتممت الأربعين من عمري ،
كان يخبرني دوما أني طفلته الثالثة التي نشرت البهجة في منزله ،
أجمل ما اتصف به هو وفائه لذكرى زوجته الراحلة ، وكان ذلك طلبه الوحيد ليلة زفافنا ،
أن لا أتوقف عن الحديث عنها أمام الطفلين فأحببتها دون معرفتها.
لا تقنط من رحمة الله فلا تدري في أي لحظة يرزقك الله السعادة التي تستحقها.