Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

تقول وكعادتي أقوم بأعمال تنظيف البيت الروتينية

تقول وكعادتي أقوم بأعمال تنظيف البيت الروتينية كل يوم جمعة باعتباره يوم عطلة وأنا أضع سماعات الأذن كي لا يزعجني أحد ما ،

أحمل المكنسة أنظف بها الشرفة بعد أن تأكدت مسبقا أن الشارع خال من أي أحد كان ،

وبسبب انسداد أذناي لم أتمكن من سماع مزمار سيارة بائع السمك التي توقفت بجوار بيتنا ،

حتى لمحته فجأة ينظر نحوي وهو يرتشف قهوته مبتسما ، أسرعت بالدخول للبيت وأنا أحمر خجلا من الموقف ،

لكني سرعان ما تداركت الموقف حين طلبت من أمي أن تشتري لنا السمك فأنا أفضل تناوله بدلا من الكسكس الذي يعد تقليدا اجباريا في مجتمعنا يوم الجمعة.

أعشق تناول السمك بشكل رهيب ولا أمل منه مطلقا وهذا ما جعلني أقتنيه في كل يوم جمعة حين أسمع صوت البائع ينادي به ،

لكن ذات مرة لم يكن بحوزتي نقود كافية لشرائه فأرسلت أختي الصغيرة وطلبت منها أن تخبره أني سأدفع له مرة أخرى ،

وعليه أن يكون متسامحا معنا فنحن زبائنه.

حينها أرسل معها كيسا من السمك وطلب مني حسب ما قالته لي أن أعد السمكات في كل يوم جمعة يقدم لي فيها السمك ،

حتى ينتهي الشهر وأسدد المبلغ دفعة واحدة.

ظننت بداية أنه يبيع السمك حسب العدد وليس حسب الوزن ،

واستغربت الأمر لكن بمجرد انتهاء الشهر في الجمعة الرابعة قدم لي سمكتين فقط في الكيس ورحل بعدها مباشرة.

انتظرت عودته الجمعة القادمة ولحظة قدومه أرسلت له الورقة بعدد السمك ليعلمني عن السعر ،

لكنه أعادها وأخبرني أن الرقم مكتوب في الورقة ووضع دوائر على عدد السمك وأضاف صفرا فوقهم ،

لم أفهم الأمر بداية ، لكن بعد تفكير عميق ابتسمت حين فهمت قصده فقد كان يقدم لي رقم هاتفه ،

عبر عدد السمك وبمرور أربع جمعات اكتمل الرقم ،

إقرأ أيضا: قصة حدثت في جمهورية السودان لأحد المعلمين

أكيد أنه ينتظر اتصالي به وهذا ما كان يقصده بتسديد المبلغ دفعة واحدة.

إنه رجل ذكي حقا ، فإن كان هو مثل البحر في غموضه ، سأكون مثل العاصفة التي تهز كل قطرة في مياهه.

سددت له مبلغا وأخبرته أن الباقي سيكون في الأسابيع القادمة مثلما كان يفعل ،

وكل جمعة يعود فيها أسدد المال حسب رقم الهاتف مثلما فعل هو ،

وفي الجمعة الأخيرة أرسلت مع المبلغ الورقة السابقة لكني أضفت لها رسالة له فحواها :

مرحبا سيد صياد ، مر شهران كاملان مذ ألقيت بشبكتك ،

أراك تبتسم فرحة بانتصارك وأنت تقوم بأصعب مهمة اصطياد في حياتك ،

هل تظن حقا أن اصطيادها سهل إلى هاته الدرجة ،

أم أن ثقتك الكبيرة في خبرتك أكدت لك ابتلاعها للطعم الذي وضعته ، سأكون صادقة معك ،

أهنئك ، لقد ابتلعت طعمك وسبحت نحو قاربك حين أرسلت رسالتي هذه لك ، لكن قبل ذلك اقترب أولا لأهمس لك.

لقد تناولنا من صيدك ما يكفي وحان دورنا لنستضيفك أنت وعائلتك في بيتنا لنطعمك من كسكس أسرتنا ،

الذي تشتهي رائحته في كل يوم جمعة تمر ، وأدمنك على ارتشاف قهوة لم تذق مثل طعمها قط ،

وأنت جالس قرب والدي وأنا هناك أبتسم من فرط الخجل لك ،

وأما عن الرقم الذي سجلته للتو في هاتفك فهو لوالدي الذي ورثت عنه عشق السمك ،

وكان سببا في الفوضى العارمة داخل موطني الأصلي هناك بين ضلوعك.

هكذا يكون الصيد على أصوله وإلا فالبحر واسع واختر غيري مما تشاء فريسة لك.

القارب قاربك الأن ، والورقة التي بين يديك نجمة مضيئة تنير دربك ،

والبحر الذي تعلو أمواجه الواحدة تلو الأخرى تشبه ارتفاع دقات قلبك ،

وأنا متيقنة أنك لن تغرق فلا يصعب على صياد بمثل جدارتك اختيار شاطئ الأمان المناسب لك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?