Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الحب في الحياة

تقول يحب الجلوس وحيدا في غرفته

تقول يحب الجلوس وحيدا في غرفته ، يقرأ كتابا أو يشاهد برنامجا وثائقيا ،

لا يحادثنا كثيرا بعكس أمي التي تباشر تحقيقاتها فور عودتنا المنزل ، يغادر البيت باكرا إلى أشغاله قبل استيقاظنا ،

يتصل بأمي عبر الهاتف يسألها عن حاجياتنا دون أن يسألنا فهو يعلم أنها صديقتنا وتعرف كل ما نحبه وما نكرهه.

حتى في أيام تفوقنا ونجاحنا الدراسي تغمرنا أمي بعبارات السعادة والثناء بينما يبدي إبتسامة صغيرة على شفاهه ،

ويكتفي بعبارة جميل أحسنت ، هادئ في طبعه لكنه يثور غضبا إن أخطأ أحدنا ويكون عقابه وخيما.

إن مرضنا تكتفي أمي بالسهر على راحتنا بينما لا تبدو عليه علامات القلق على صحتنا حتى أنه يغط في نوم عميق ،

لطالما أحببت أمي أكثر وحادثتها أكثر بينما أضع حاجزا بيني وبينه خشية من غضبه المفاجئ ،

فأنا لم أعتد الحديث معه وحتى عند إحتياجي لغرض ما أطلب من أمي أن تخبره به ،

واليوم سأغادر بيته وأتجرد من عصمته لأكون في عصمة رجل غيره ، لست حزينة لفراقه فأنا لست معتادة عليه ،

أشعر بالحزن لفراق أمي واخوتي وبيتي ، حتى وسادتي سأشتاق إليها أكثر منه.

وصل موكب العروس ، وضعت أمي كفها على رأسي تتلو على مسامعي بعض آيات القرآن ،

لم أتحمل رجفة يديها وهي تحاول تهدئتي بينما هي مرتبكة أكثر مني ،

انفجرت دموعي حين احتضنتها وامتزج الحزن بالفرح في عينيها وهي تودعني وتدعو لي بالحياة السعيدة ،

بين كل هذا وذاك ظل ذاك الرجل غائبا ، أنا أغادر بيتك ألن تودعني؟! لهذه الدرجة لا يهمك أمري!

قاطع سهوتي صوت أمي وهي تخبره بجاهزيتي ، حينها اقترب مني والبسمة تعلو وجهه ،

إقرأ أيضا: كان أحد الأباء يستعد للإحتفال بزواج ولده وفلذة كبده الوحيد

أظنه سعيدا فقد تخلص من إحدى بناته أخيرا ، ألقى بيده على كتفي كي يقوم بإخراجي تحت رضاه ،

والرجفة نفسها في يده ، بل كانت أقوى من رجفة أمي ومني أنا حتى ،

إلتزم الصمت كعادته ، لم ينطق بكلمة ، لم يودعني كعادته وكأني لست قطعة منه.

ركبت السيارة أجفف دموع حزن وقهر ، وإذ بي أسمع صوته يتحدث مع عجوز من موكب العريس ،

ألقيت نظرة نحوه فلمحت دموعا تنهمر من عينيه ، كان مشهدا رهيبا لم أنساه في حياتي ،

لم أتوقع رؤيته يوما يبكي وبكل تلك المرارة على فراقي ، بل وكان يوصيهم علي بأني أمانة عندهم ،

وحين لمحني مبهورة في منظره ، أشاح بوجهه عني واختفى بين جموع الناس كي لا أراه ضعيفا ،

أدركت حينها أنه يحبني كثيرا ، لم يتحمل فراق فلذة كبده ، لم يبكي يوما كي نكون أقوى بوجوده ،

لم يضعف كي لا نضعف بقربه ، كان ولازال يحبنا ولكنه لا يجيد التعبير ،

اكتفى برعايتنا على حساب صحته وشقاءه وتعبه رغم أننا سنرحل في الأخير لبيوت غير بيوته.

أشتاق إليك كثيرا يا أبي واعذرني إن أخطأت في حقك ولم أعرف قيمتك حتى رحلت عنك.

اعذرني فأنا أيضا أحبك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?