Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الحب في الحياة

تقول يكبرني بثلاثة عشر سنة فقط

تقول يكبرني بثلاثة عشر سنة فقط ، الإرتباط به كان أمرا غير متوقع بداية لكن القدر جمعني به لأكون زوجته.

أحمل اليوم ذكريات بحجم الكون برفقته ، كلمات تسطع كالنجوم في ذاكرتي تنير كل ليلة حزن مظلمة أمر بها ،

أسترجع كل لحظة عشتها معه ، لم أعرف طعما للحياة قبله بل لم أكن أعلم أن حياتي بدأت حقا حين التقيته.

لم يكن يتحدث كثيرا ، قليل الكلام كثير الصمت ، فارق السن بيننا لعب دورا كبيرا بيننا بداية لكني سرعان ما تأقلمت مع وضعنا.

كثيرا ما يجلس وحيدا يفكر أو يقرأ كتابا ، لم أعلم فيما يفكر ، حتى أني ظننت أني لا أروقه ولا أعجبه ،

تفكير شابة ساذج ، كان الأحرى بي التقرب منه والتعمق فيما يشغله ، لكن تفكيري انصب مباشرة في الطفل ،

أكيد إنه يرغب في طفل يملأ حياته بهجة ويقربنا من بعض أكثر ، لم أكن أعلم أن الأمر سيكون مؤلما أكثر ،

لم أتوقع أني لا أنجب ، لم أتقبل الأمر وصدمت ، لكنه كان دوما سندا لي بكلمات كالسحر :

لا أحد سيحرمنا من الأطفال إن أراد الله أن يرزقنا سيفعل!

قمت بالكثير من الفحوصات لكن لا أمل ولا جديد يذكر ، غرقت في الحزن والدموع ، مؤلم أن لا استطيع أن أكون أما.

أصبحت أكثر صمتا منه حتى أنه اشتاق لمجالستي وأحاديثي المملة التي صدعت رأسه به سابقا.

ما بالك سكنك الحزن وأعلنت الإضراب عن الكلام؟
ومنذ متى كنت تحب كلامي؟

أنت تعشق وحدتك تعتنق الصمت وتتركني أحادث نفسي.

لكني كنت أحادثك بعيوني دوما وأتغزل بك.

لمعت نظرة دهشة في عيناي حقا؟
أتظنين أني لا أحبك ولا أكترث لك؟

طبعي الصمت ولا أحب كثرة الكلام ، تعلمت أن المشاعر أفعال وخير الكلام ما قل ودل.

كلماته الدافئة جعلتني أنسى برودة مشاعره وكل تجاهله السابق لأتشبع بتلك العبارات المفعمة بالحب والغزل.

أتدرك ما هو اليوم إذن!؟
السبت.

إقرأ أيضا: قالت تزوجته دون حب

ضحكت ، أقصد المناسبة التي تتصادف مع تاريخ اليوم؟

لا أعلم ، فلا أهتم بالتواريخ عادة ، ما هي المناسبة؟

اكتسح الحزن قلبي ثانية لأشعر مجددا ببرودة مشاعره التي طغى عليها الإهمال ، حدثته بصوت خافت وأنا أهم بالإنصراف :

اليوم ذكرى ميلادي ، لقد كبرت سنة وأصبح عمري اثنان وعشرون سنة ، هذا فقط!
وأين المشكل!؟

فأنت في نظري لا تكبرين وستبقين صغيرة دوما ، كل عام وأنت صغيرتي وبهجتي وسعادتي.

مرت سنوات اعتدت فيها هدوءه وكلماته القليلة العدد العميقة المعنى ، تترك في قلبي أثرا يدوم لأيام عدة ،

أذكر مرة أفسدت فيها طعاما طهوته حتى شعرت بالخجل منه فلا زلت أحترمه ، انفجر ضاحكا حين علم بخجلي منه :

لازلت صغيرة وستتعلمين.
لست صغيرة.

في نظري ستبقين دوما كذلك ، ولا أريدك أن تكبري فأنا أريدك كما أنت وأحببت الطفلة التي تسكنك ،

ووعدتني أنها لن تكبر وستبقى تروي لي نكاتها السخيفة وتضحك دون سبب وتبكي لأتفه أمر قد يحدث.

رغم كلماته الساحرة إلا أني طالما شاجرته لأي سبب كان فيكتفي هو بالإصغاء ،

وحينما أنتهي يشبهني بالبطة حين أغضب وتحمر وجنتاي كحبتي خوخ تجبره على الإكتفاء فقط بالتأمل.

مرت السنوات وفي كل ذكرى مولدي يخبرني بعدم إكتراثه فأنا لازلت صغيرة في نظره ولا أكبر.

ومتى سأكبر إذن؟

حينما أرحل ، حينها ستصبحين أكبر.

لم أحب جوابه ، لا أهضم فكرة رحيله المؤلمة ، فقد تعودت على مشاجرته ولا يحلو يومي دونه.

كان أحلى يوم حين رزقنا الله طفلة كالقمر ، بعد طول علاج وصبر ودعاء ، تحقق ما تمنيناه طوال سنين مرت من الإنتظار ،

إقرأ أيضا: إستيقظ حاتم من غفلته على صوت رسالة إستقبلها هاتفه

قطعة من كلينا أحببناها أكثر من أنفسنا ، تلك الأميرة الصغيرة جعلت حياتنا أجمل ،

أعلمته في ذكرى ميلادي الثالث والثلاثين أني أصبحت أما وقد كبرت الأن.
لكنه أنكر وأخبرني أني لو أنجبت عشرة أطفال فلن أكبر ،

حتى أنه أصبح ينادي فور عودته من عمله :
أين ابنتاي ، لقد عدت؟

تخبره ابنتنا أني لست ابنته ، لكنه يعارض : إنها ابنتي الكبرى وأنت البنت الأصغر.

كان أبي حين يعود من عمله ويخاطبني بابنته ، زوجي حين أجالسه وأحادثه ،

ابني حين ينام ممسكا بكفي ولا يفلته ، كطفل يبحث عن حنان والدته ، لقد تربى يتيما وأشعر به ،

منحته حنانا مضاعفا أعوضه ما فقده في صغره ، لطالما شكوته أود شراء ثياب كما أحب وأرغب.

إلتزم الصمت وما إن توفر له المال اشترى لنا ما يقدر دون أن يطلب مني مقاسي ، وتكون كل الأثواب مناسبة لي رغم إختلاف وزني ،

حينها أدركت أنه يحفظ كل تفاصيلي وفهمت لغة العيون التي أخبرني عنها في ما مضى.

لقد رحل وأخذ كل ما هو جميل معه ، سوى ذكريات تجعلني أشتاق لرؤيته كل يوم أكثر ،

لم أكن أحتاج إلى هدية عيد ميلاد أو عيد زواجنا ، كان يكفيني أن يهديني زوجا وفيا كل يوم ،

طول العمر ، لم أكن بحاجة ثياب فاخرة وثوب الإهتمام الذي ألبسني إياه لا مثيل له ،

وعطر كلماته الساحرة تغنيني عن عطور الدنيا الباهظة الثمن.

لا أود أن يمر ذكرى مولدي دونه ، دون أن يخبرني أني صغيرته رغم أن الشيب تسلل إلى شعري لازلت لم أكبر ،

في نظر الكل كبيرة وفي نظره سأظل دوما الأصغر.

إقرأ أيضا: إمرأة ما سألت قائلة

أنا سعيدة لأن المرض انتهك جسدي وقريبا سأرحل للقائه ، لم يكفيني ذاك العمر الطويل جنبه بل أرغب بالعيش معه أكثر.

رغم صمته، هدوءه ، فارق السن بيننا أحببته كثيرا ، واليوم أنزف دموع الشوق له.

أخبريهم ، أعلمي كل فتاة تقرأ قصتي أن السعادة لا تشترى بالمال ، وأعلمي الرجال أن الحب إهتمام وليس إهمال.

أعلميهم أن بعض الأشخاص بأفعالهم لا يكفينا العمر كله لنحبهم بل نحتاج وقتا أكبر.

لقد أهداني عمرا وأهديه بضعة سطور من حبر تلخص إحتراما وحبا لرجل كان لي ولا يزال كل شيء ،

ورغم رحيله عن العالم ، عن قلبي وذاكرتي لم ولن يرحل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?