تمنيت أن يشبع أبي قبل أن يموت
الكثير من الناس عندما يريدون إخراج زكاة أموالهم ، يؤكدون على أن لا تعطى إلا لليتامى أو الأرامل.
هل يجب أن يموت الفقير حتى تتصدق الناس على أولاده؟!
تقول إحدى الطالبات : كنا في المرحلة الثانوية ، وكنا في أوقات الإستراحة نجتمع مع بعض الصديقات ،
ونضع فطورنا مع بعض دون أن تعرف إحدانا ماذا جلبت الأخرى!
وكانت هناك طالبة مسكينة لم تكن تجلب معها شيئا ، فأقنعتها بالجلوس معنا ، لأنه لا يدري أحد من جلب الطعام.
واستمر الحال هكذا لفترة طويلة إلى أن إقترب وقت تخرجنا من الثانوية وقتها توفى والدها وتغير حال هذه الطالبة المسكينة ،
فأصبحت في وضع أفضل من ذي قبل ، تعتني بلباسها وتأتي بالطعام يعني صارت بوضع جيد.
فتوقعت أنها ورثت شيئاً من أبيها.
فجلست معها وقلت لها : ماذا جرى معك ؟ ما سر هذا التغيير ؟
فأمسكت بيدي وبكت وقالت : والله ، كنا ننام بلا عشاء ، وأنتظر ذهابي للمدرسة صباحاً لكي أتناول الطعام معكم من شدة جوعي.
وكانت أمي تخبئ خبز العشاء لفطور الصباح لإخواني ، فأخرج باكراً من البيت متعمدة لكي أوفر لهم زيادة من الطعام.
والآن بعد أن مات أبي ، أصبح كل من حولنا من أقارب ومعارف وأصدقاء يعطوننا ويعتنون بنا ، كوننا أصبحنا أيتاما!
قالت لي بالحرف : ( تمنيت أبي يشبع قبل ما يموت )
قالتها بحرقة والدموع ممزوجة بأحرف كلماتها
قالت لي : يعني ما عرفوا أننا محتاجين إلا بموت أبي ؟!
بكت بحرقة وهي تقول هذه الكلمات ومازلت أحس بحرارة دموعها ، وحرقتها إلى الآن.
إقرأ أيضا: أصول المعاشرة الزوجية
العبرة :
هل يجب أن يموت الإنسان الفقير حتى يشعر الأغنياء بأولاده الأيتام ؟!
ما بال الناس اليوم ؟ أين الإنفاق ؟ أين الزكاة ؟ وأين صلة الرحم ؟ أين إغاثة الملهوف ؟ أين الرحمة ؟
قال صل الله عليه وسلم : ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما :
اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفا.
تفقدوا الأسر العفيفة ، تفقدوا الأقرباء والجيران والأصدقاء لعل فيهم من يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.
والله إن في دهاليز حياة بعضهم ، آلام لا يسمع أنينها إلا الله تعالى ، أنفقوا ينفق الله عليكم.
تصدقوا وادفعوا زكاة أموالكم ولا تخافوا الفقر أبدا.