إسلام

توبة الإمام مالك بن دينار

توبة الإمام مالك بن دينار

يقول الإمام مالك : بدأت حياتي ضائعا سكيرا عاصيا ، أظلم الناس وآكل الحقوق ، آكل الربا ،

أضرب الناس ، أفعل المظالم ، لا توجد معصية إلا وارتكبتها.

يتحاشاني الناس من معصيتي ، يقول :

في يوم من الأيام ، إشتقت أن أتزوج ويكون عندي طفلة ، فتزوجت وأنجبت طفلة ،

سميتها فاطمة ، أحببتها حباً شديدا ، وكلما كبرت فاطمة زاد الإيمان في قلبي.

وقلت المعصية في قلبي ، ولربما رأتني فاطمة أمسك كأسا من الخمر ، فاقتربت مني فأزاحته وهي لم تكمل السنتين ،

وكأن الله يجعلها تفعل ذلك.

وكلما كبرت فاطمة كلما زاد الإيمان في قلبي ،
وكلما إقتربت من الله خطوة ، كلما إبتعدت شيئا فشيئا عن المعاصي.

فلما أكملت فاطمة ال 3 سنوات ماتت.

يقول : فانقلبت أسوأ مما كنت ، ولم يكن عندي الصبر الذي عند المؤمنين ما يقويني على البلاء ، فعدت أسوا مما كنت.

وتلاعب بي الشيطان ، حتى ذلك اليوم.

حيث وسوس لي شيطاني : لتسكرن اليوم سكرة ما سكرت مثلها من قبل!

فعزمت أن أسكر وعزمت أن أشرب الخمر
وظللت طوال الليل أشرب وأشرب وأشرب ،

فرأيتني تتقاذفني الأحلام ، حتى رأيت تلك الرؤيا.

رأيتني يوم القيامة وقد أظلمت الشمس ، وتحولت البحار إلى نار ، وزلزلت الأرض.

واجتمع الناس إلى يوم القيامة ، والناس أفواج وأفواج ، وأنا بين الناس.

وأسمع المنادي ينادي فلان إبن فلان ، هلم للعرض على الجبار.

يقول : فأرى فلان هذا وقد تحول وجهه إلى سواد شديد من شده الخوف.

إقرأ أيضا: ماشطة إبنة فرعون لم يحفظ التاريخ إسمها بل حفظ فعلها

حتى سمعت المنادي ينادي باسمي ، هلم للعرض على الجبار.

1 3 4 10 1 3 4 10

يقول : فاختفى البشر من حولي (هذا في الرؤية)

وكأن لا أحد في أرض المحشر ، ثم رأيت ثعبانا عظيما شديدا قويا يجري نحوي فاتحا فمه ،

فجريت أنا من شدة الخوف.

فوجدت رجلا عجوزا ضعيفا ، فقلت :
أنقذني من هذا الثعبان.

فقال لي : يا بني أنا ضعيف لا أستطيع ، ولكن إجر في هذه الناحية لعلك تنجو.

فجريت حيث أشار لي والثعبان خلفي ، ووجدت النار تلقاء وجهي ، فقلت : أأهرب من الثعبان لأسقط في النار.

فعدت مسرعا أجري والثعبان يقترب ، فعدت للرجل الضعيف وقلت له :

بالله عليك أنجدني أنقذني ، فبكى رأفة بحالي.

وقال : أنا ضعيف كما ترى ، لا أستطيع فعل شيء ، ولكن إجر تجاه ذلك الجبل لعلك تنجو.

فجريت للجبل والثعبان سيخطفني ، فرأيت على الجبل أطفالا صغارا ،

فسمعت الأطفال كلهم يصرخون : يا فاطمة أدركي أباك ، أدركي أباك.

يقول : فعلمت أنها ابنتي.

ففرحت أن لي آبنة ماتت وعمرها 3 سنوات
تنجدني من ذلك الموقف ، فأخذتني بيدها اليمنى ،

ودفعت الثعبان بيدها اليسرى ، وأنا كالميت من شدة الخوف.

ثم جلست في حجري كما كانت تجلس في الدنيا ،

وقالت لي : يا أبت ، ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله.

فقال : يا بنيتي ، أخبريني عن هذا الثعبان!

قالت : هذا عملك السيء ، أنت كبرته ونميته حتى كاد أن يأكلك ،

أما عرفت يا أبي أن الأعمال في الدنيا
تعود مجسمة يوم القيامة؟

إقرأ أيضا: يُعبَّرُ عن الأماكن المأهولة بالبشر في القرآن بكلمات شتى

فقال : وذلك الرجل الضعيف.

قالت : ذلك العمل الصالح ، أنت أضعفته وأوهنته حتى بكى لحالك ، لا يستطيع أن يفعل لحالك شيئا.

ولولا أنك أنجبتني ، ولولا أني مت صغيرة ما كان هناك شيء ينفعك.

يقول : فاستيقظت من نومي وأنا أصرخ :
قد آن يارب ، قد آن يارب.

{ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}

يقول : واغتسلت وخرجت لصلاة الفجر أريد التوبة ، والعودة إلى الله.

يقول : دخلت المسجد فإذا بالإمام يقرأ نفس الآية

{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}

ذلك هو مالك بن دينار من أئمة التابعين

هو الذي اشتهر عنه أنه كان يبكي طول الليل ويقول : إلهي أنت وحدك الذي يعلم ساكن الجنة من ساكن النار ، فأي الرجلين أنا؟

اللهم إجعلني من سكان الجنة ، ولا تجعلني من سكان النار.

وتاب مالك بن دينار ، واشتهر عنه أنه كان يقف كل يوم عند باب المسجد ينادي ويقول :

أيها العبد العاصي عد إلى مولاك ، أيها العبد الغافل عد إلى مولاك ، أَيها العبد الهارب عد إلى مولاك.

مولاك يناديك بالليل والنهار ، يقول لك :

من تقرب مني شبراً تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?