Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
إسلام

ثاني شهداء الرجيع

ثاني شهداء الرجيع

من منكم يعرف الصحابي مرثد ، محرر الأسرى.

هو مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، من السابقين الأولين من المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين ،

حينما هاجر إلى المدينة ، آخى رسول الله صل الله عليه وسلم بينه وبين أوس بن الصامت أخي عبادة بن الصامت رضي الله عنهم.

ولما أُجبِرَ المسلمون على القتال يوم بدر ، كان مرثد مع هؤلاء المسلمين فشهد بدرا على فرس يُقال له (السبل) ،

كما شهد أحدا كذلك ، وأبلى فيهما بلاءً حسنا ، وقد ناط به المسلمون مهمة من أخطر المهام ،

ولكنهم كانوا يعلمون أنه سيقوم بها خير قيام ، لِمَا عُرِفَ عنه من الشجاعة والقوة والشدة والبأس.

فما هي تلك المهمة الخطيرة التي وُكِلَ بها مرثد؟!

تلك المهمة هي أن ينقل الأسارى والمستضعفين من المسلمين من مكة إلى المدينة سرًا.

فانظر كيف كان سيتعرض للأسر أو القتل إن ظفر به المشركون؟!

وانظر كم كان يتجشم التعب والمشقة ذهابًا وإيابًا من المدينة إلى مكة مستخفيًا حاملًا معه الأسير ،

الذي استطاع بمهارته أن يأخذه من بين سجانيه وجلاديه من المشركين!

لقد قام البطل مرثد فعلًا بما وُكِلَ إليه خير قيام ، وكان عند حسن ظن رسول الله صل الله عليه وسلم.

موقف جليل : ثباتٌ عند الفتن وثباتٌ عند اللقاء

في إحدى مهامه تلك وفي أثناء رحلته من مكة إلى المدينة ، أبصرت به إمرأة من بغايا أهل مكة يُقال لها عَناق ،

أبصرت به في أحد الأحياء بمكة ، وكانت عناق هذه صديقةً له في الجاهلية ، لمّا أبصرت به عرفته ،

فقالت في دهشة : مرثد! أهلًا ومرحبًا ، ثم دعته إلى أن يقضي الليلة معها كما كان يفعل في الجاهلية ،

ولكن البطل استعصم بدينه الذي قد تمكن به قلبه ، والتزم بمبادئه السامية ، وأخلاقه العالية ،

وتعاليمه الرشيدة ، فقال لها : يا عناق إن الله عزّ وجلّ حرّم الزنا.

ولكن هذا الرد لم يُرضِ الباغية الكافرة الفاجرة ، وصاحت بأعلى صوتها كاشفة عنه :

يا أهل مكة ، هذا مرثد الذي يحمل الأسرى من مكة.

إقرأ أيضا: أبو دجانة الأنصاري

وقد دوَّى صوتها في أهل الحي الذين كانوا يتربصون بمرثد كل شر وسوء.

يقول مرثد : فتبعني ثمانية رجال ، وسلكت الخندمة – جبل عند مكة ، فانتهيت إلى كهف فدخلته ،

وجاؤوا حتى أقاموا على رأسي ، وعمَّاهم الله عنّي ثم رجعوا.

أترى أن البطل اكتفى من الغنيمة بالإياب ، واحتج مثلًا بأن العيون كلها أصبحت مُفتَّحةً تبحث عن شبحه في كل مكان؟!

الإجابة: لا.

إن شجاعة البطل أَبَتْ عليه أن ينجو بنفسه دون أن يُنَفِذ مهمته التي أوكلها إليه رسول الله – صل الله عليه وسلم – ،

ولذلك رجع إلى الأسير الذي كان يحمله ، فحمله من جديد ، رغم أن ذلك الأسير كان رجلًا ثقيلًا يُبطئ خطاه ، ويثقل كاهله ،

حتى انتهى به إلى الإذخر ففك عنه قيوده ، ثم قَدِم به إلى المدينة ، وأتم مهمته بنجاح باهر ولله الحمد.

ولما أتى مرثد رسول الله – صل الله عليه وسلم – استأذنه في أن يتزوج عَناقًا ، فأمسك رسول الله – صل الله عليه وسلم – عن إجابته حتى نزل قول الله عزّ وجلّ :

” الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة “ ، فامتثل البطل إلى أمر الله وأمر رسول الله – صل الله عليه وسلم – ،

وتوقف عن الزواج بها إذ علم حكم الله عزّ وجلّ.

وفاته رضي الله عنه

جاءت غزوة ” الرجيع” الذي كان فيها أميرًا على سرية قوامها ستة نفر ، وخرج عليهم مئة رجل مجهزين بالسلاح والعتاد ،

فلم يَسْتَكِنْ البطل ولم يستسلم للأسر ، وقاتل هو ورفاقه الستة ما وسعهم القتال ، حتى انتهى أمره شهيدًا في سبيل الله عز وجل على أرض المعركة ،

وكان ذلك في صفر على رأس ستة وثلاثين شهرًا من هجرة رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة ،

فرضي الله عنه وأرضاه ، ورزقنا الله و إياكم همةً كهمته في نصرة دين الله عزّ وجلّ ،

وفي نجدة إخوانه من المسلمين المستضعفين ، وثباتًا كثباته عند الفتن وعند اللقاء.

المصادر

أسد الغابة في معرفة الصحابة – كناز بن حصين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?