نحو حياة أفضل

جبر الخواطر

جبر الخواطر

أعرف أُناسا إذا أصابتهم نفحة من سعادة ؛ خرجوا إلى الطريق واشتروا عصائر لكل طفل صغير يمرّ من أمامهم.

ورأيتُ بنفسي سيدة لما أخبرتها الطبيبة أنها لن تحمل أبدًا.

أخرجت من حقيبتها مبلغًا من المال وسلّمته لها وقالت : “هذه تكفي الولادة ، مساهمة مني لحالة تكون لا تتحمل مصاريفها”

وحضرتُ الصيف الماضي توزيع ثمرات المانجو على كل أطفال المسجد ، لأن هذه الثمرة وقتها كانت من أغلى الفواكه بالسوق.

وسمعتُ عن الرجل الذي كلّما مرّ بعجوز تبيع خضارًا ؛ اشترى ما عندها كله ووزعه على جيرانه.

وكنت بجانب المرأة التي طلبت من بائع الدجاج أن يبيع الكيلو للناس في هذا اليوم بنصف السعر لكل من يشتري منه ،

ودَفَعَت هي الفارق ولم يهمها إن كان من سيشتري الدجاج فقيرًا أو غنيًا.

وحضرتُ مناقشة طويلة عن إطعام في المسجد للأطفال واختلاف بين الحضور عن نوع الطعام حسب الميزانية ،

ثُمَّ انتهى النقاش بجملة واحدة حازمة من الإمام ،

“فتة اللحم والكفتة المشوية لكل الأطفال وسيبارك الله في الميزانية”.

ووقفتُ بنفسي أمام الشاب الذي يجلس بالسوق على فَرشَةِ العنب الأصفر وكل من يقف ليشتري منه ،

لا يقبل منه مالًا ويعطيه العنب هدية ، وهو يخبر الجميع أن والده مات منذ عشرة أعوام وكان يحب العنب ،

لذا يوزعه على الناس لعلّ فيهم من يذكر أباه بدعوة.

والتقيتُ في الطريق بطالبة عندي قد أرسلتها أمها لسداد ديون بعض الأسر عند البَقّال ،

لأن أخًا لها مريض وقد أحسنت الأم الظن في الله ، “داووا مرضاكم بالصدقة”.

إقرأ أيضا: ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك

وشاهدت المرأة التي نالت أخيرًا نصيبها من الميراث ،

فأتت إلى المسجد وفتحت مصاحف الأطفال وتركت في كل مصحف منهم عشرة دنانير.

كذلك الرجل الذي يتصدق بنفس المبلغ الذي يشتري به ملابس زوجه وأولاده.

والمرأة التي تصنع كل يوم طعامًا لجارها الكفيف.

1 3 4 10 1 3 4 10

والطفلة التي لا تشتري حلوى إلا وقسمتها بينها وبين إبنة البواب.

الحياة قاسية في بعض الأوقات ، لكن في التفاصيل تكمن الإنسانية التي جُبِلنا عليها ، والتي تجعل الأيام تمرّ ،

والقسوة تمضي ، والظلم يُنسَى ، والتدمير يُرمَّم.

كونوا ملاذًا لغيركم فلا يدوم إلا الإحسان وتذكّروا أن الله لا ينسى نفسًا أسعدتها ، أو قلبًا أحييته ، أو دربًا مَهدَته.

فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?