جنون الغيرة
جنون الغيرة
أحببت فتاةً صغيرة بالسن ، تصغرني بـ 15 عام
لم تبلغ سن الرشد حتى ، وأنا رجلٌ في منتصف عقده الثالث ،
جمعتنا علاقة غير متكافئة ومع ذلك أحببتها حباً عظيما ، أحببتها بقلبٍ يهوى التملك
مشكلتنا الوحيدة كانت هي الغيرة الحمقاء ،
فقد كنت أغار عليها من عطر رجلٍ عابر مرّ قربها ،
وأشعر برغبتي بأن ابرحها ضرباً حين ترد على أقاربها من الرجال السلام ، أغار عليها من غريب يلفظ أشباه اسمها بين الحشود ،
من أهلها ، ملابسها ، مرآتها ، حتى من حرفِ عطفٍ يحول بين اسمينا !!
تخبرني دائماً أنها أحبت حنيتي ، أكثر من أي شيء آخر بي ، و لطالما قالت لي (الحنون لا يقسو إلا حين يغار)
فتؤذيني قسوتي تلك عليها ، أعلم أن عقليتي المتحجرةُ لا تُحتمل ، لكن لم تؤذِها حالتنا تلك فقط بل آذتني أضعافاً ،
لكن لم يكن الأمر بيدي إطلاقاً ، فأدعو الله أن يخفف عني هذا الألم فأخفف عنها سجني اللعين
اشتكت لي مني كثيراً و بكت بسببي مرات لا تعد ، أعلم أني حين أغار لا أطيقُ ولا أُطاق لكن لم أجادلها بها هي لي وحدي ، وانتهى !!
وأحيانا أجلس مواسياً إياها على مصابها الجلل بحبي العظيم،
كأن شكواها ليست مني
في النهاية هذه صغيرتي و صغيرة قلبي ، من لها من العالمين سواي؟
ارتدت لأجلي النقاب ، لا أنكر أن ذلك أسعدني ، فجميلتي لي وحدي ملامحها حِكرٌ عليّ فقط ، ومع ذلك لم أزل بنفس أطباعي تلك
إقرأ أيضا: قصه فرنسيه رائعه .. العقد
ثم وبعد اعوام
لم أسمع وقعَ أقدام ، ولا صرير باب ، ولا أقفال تفتح لم اقرأ رسالة وداع ، لا أدري كيف.
رحلت !
افتقدتها إلى حد أني تخيلتها في أرجاء منزلي ، إلى حد أني حدثت طيفها ،
فأنا لم أتخيل أن تعصيني صغيرتي يوماً كنت أعلم أن البقاء معي صعب ، لكن أنا في النهاية أحببتها .
حاولتُ التعافي لأجلها ، لم أعد عصبياً مريض غيرة ، صرتُ أقل غضباً ، و أقل جنوناً ، ومع ذلك لم تعد ،
بقت غصةً داخلي ، كدمعةٍ لم تسمح لي الأيام بأن أبكيها ، أضعت ملامحي السابقة بعدها ، و لم أستطع أن أعود لنفسي لكن وكعادتي ،
بنيتُ من هزائمي إنتصارات جديدة !!
وبعد سنين و صدفةً التقيتها !!
كانت جالسة في حديقةٍ عامة مع والدتها ، لم تتغير ابدا لا تزال بنفسِ الهيئة ، بلمعة العين ذاتها ،
إلا أن شيئاً من البريق فيهما قد انطفأ حتى انها تضع النقاب كما فعلت ذات يومٍ لأجلي.
شعرتُ برغبتي بأن أذهب إليها لأحدثها عن شوقي ، عن حنيني إليها ، لكن أنا ما أمسكت يوماً بيدٍ أرادت الرحيل وحدها ،
و راحلتي تلك ماتت بناظري والموتى لا يعودون مهما بكينا .
كنت أظن أنها آخر نَفسٍ لي في هذه الدنيا ، لكن ها هي قد ابتعدت وها أنا ذا لم أمت.
كسرني رحيلها نعم ، لكنني أعدت بيدي ترميمي وتلك القطع المتناثرة مني أعدتُ تركيبها بشكلٍ مختلف لن تتعرف عليه أبداً .
فتركتها ومضيت ، وابتسامة ارتسمت على شفتي ،
يكفيني إنتصاراً أنها لا تزال منقبةً كما شئت ، يكفيني أنها لا تزال حكم قيدي.