Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
إسلام

حبر الأمة يفحم الخوارج

حبر الأمة يفحم الخوارج

أثناء الحرب التي دارت بين علي ومعاوية ، خرج فريق كفر عليا ومعاوية ، وجاءوا بأمور لم تكن معروفة من قبل ،

وذهب ابن عباس إليهم ليوضح الحق ، ويكشف الشبهة.

قال ابن عباس : دخلت عليهم وهم قائلون ، فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر ،

قد أثر السجود في جباههم ، كان أيديهم ثفن الإبل ،

ثفن الإبل : ما يقع على الأرض من الإبل کالركبتين) ،

عليهم قمص مرحضة ، (المرحضة : المغسولة).

فقالوا : ما جاء بك يا ابن عباس؟ وما هذه
الحلة التي عليك؟

قال : ما تعيبون من ذلك؟ فلقد رأيت رسول الله وعليه أحسن ما يكون من الثياب اليمنية ، قال: ثم قرأت هذه الآية :

وقل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق » [الأعراف :۳۲].

فقالوا: ما جاء بك؟ قال : جئتكم من عند أصحاب رسول الله وليس فيكم منهم أحد ، ومن عند إبن عم رسول الله ،

وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله ، جئت لأبلغكم عنهم ، وأبلغهم عنكم.

فقال بعضهم : لا تخاصموا قریشا ؛ فإن الله يقول : “بل هم قوم خصمون “[ الزخرف: 58].

فقال بعضهم : بلى فلنكلمه.
قال : فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة.

قال : قلت : ماذا نقمتم عليه؟ قالوا : ثلاثا ، فقلت : ما هن؟

قالوا : حكم الرجال في أمر الله ، وقال الله تعالى : ( إن الحكم إلا لله ) [الأنعام: ٥٧]

قال : هذه واحدة ، وماذا أيضا؟ قالوا : فإنه قاتل ، فلم يسب ، ولم يغنم ،

فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم ، ولئن كانوا كافرين ، لقد حل قتالهم.

قال : قلت : وماذا أيضا؟ ومحا نفسه من إمرة المؤمنين ؛ فإن لم يكن أمير المؤمنين ، فهو أمير الكافرين.

قال : قلت : أرأيتم إن أتيتكم من کتاب الله وسنة رسوله بما ينقض قولكم هذا ، أترجعون؟

إقرأ أيضا: دخل الطفيل بن عمرو الدوسي مكة

قالوا: وما لنا لا نرجع!
قال : أما قولكم : حكم الرجال في أمر
الله به ؛ فإن الله قال في كتابه :

” يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما
قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم [المائدة٩٥].

وقال في المرأة وزوجها : “وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } [النساء: ۳٥).

فصير الله ذلك إلى حكم الرجال ، فناشدتكم الله ، أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين ،

وفي إصلاح ذات بينهم أفضل ، أو في دم أرنب ثمنه درهم ، وفي بضع إمرأة؟

قالوا : بلى ، هذا أفضل.

قال : أخرجتم من هذه. قالوا : نعم ،
قال : وأما قولكم: «قاتل ولم يسب ولم يغنم» ، أتسبون أمكم عائشة؟!

فإن قلتم : نسبيها ، فنستحل منها ما نستحل من غيرها ، فقد كفرتم.

وإن قلتم : ليست بأمنا فقد كفرتم ، إن الله يقول .”النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم”(الأحزاب؛٦)

فأنتم ترددون بين ضلالتين ، فاختاروا أيتهما شئتم أخرجتم من هذه؟

قالوا: بلى.

قال : وأما قولكم: «محا نفسه من إمرة
المؤمنين ، فأنا آتيكم بمن ترضون ،

إن نبي الله يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو ، قال رسول الله :

أكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ، فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو :

ما نعلم أنك رسول الله ، ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك.

قال رسول الله : اللهم إنك تعلم أني رسولك ، يا علي أكتب : هذا ما اصطلح عليه محمد ابن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو.

لقد كان ابن عباس بحرا زخارا ، كشف الشبهة ودحضها ، وأتى بالأدلة البينة من الكتاب والسنة ،

ولقد أثمرت جهوده ، فرجع منهم عن باطلهم
ألفان.

المصادر :

الشاطبي الاعتصام (٢/١٨٧)
الهيثمي مجمع الزوائد (٢٩٣/٦)
ابن عبد الرازق المصنف(١٥٧/١٠)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?