Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

حكاية أونامير والحورية الجزء الأول

حكاية أونامير والحورية الجزء الأول

يحكى في قديم الزمان عن ولد يتيم اسمه حمو أونامير يعيش مع أمه ، ورغم فقره كان جميل الوجه حسن القوام ،

وكل من يراه يظن أنه من أبناء الأعيان.

ومنذ صغره أدخلته أمه الكتّاب ليتعلم القراءة ويحفظ القرآن.

وعندما كبر الولد عشقته فتيات القرية ، وصارت الجارات يتقرّبن من أمه ، ويحملن لها الطعام والهدايا ،

لكي يتزوج بناتهن ، لكن أونامير كان مشغولا عنهن بالتّعلم.

وذات يوم استيقظ باكرا كعادته ، فوجد كفّيه مزخرفتين بالحناّء ، فتعجّب واعتقد أن أحد بنات الجيران حاولت الإنتقام منه ،

ولمّا ذهب إلى المسجد وبّخه الشّيخ ، وأمر بضربه حتى لا يعود لفعلته.

وفي الغد وجد أونامير يديه مرة أخرى مزخرفتين بالحنّاء ، فضربه من جديد ،

وتكرّر ذلك عدّة أيّام حتى أدرك الفقيه أنّ تلك الزّخارف صعبة ، ولا يقوم بها إلاّ أكفأ الفنّانين ،

وأوصاه أن لا ينام هذه الليلة حتى يعرف من يضع الحنّاء في يديه.

ظلّ أونامير تلك الليلة مستيقظا وانتظر طويلا وهو يغالب النّوم ، وإذا به يرى صفّا من الحوريات يدخلن من النافذة ،

ويشرعن في وضع الحنّاء في يديه ، وهو يتعجب من حسنهن.

ثمّ خرجن الواحدة تلو الأخرى واختفين في الظّلام.

لما طلع الصباح ، ذهب أونامير إلى الشّيخ ، وحكى له كلّ ما رأى.

فقال له : هذه المرّة ضع حبلا ، واجعل فيه عقدة ، ولمّا يردن الإنصراف إنتظر حتى يأتي دور الأخيرة ، فاسحب طرف الحبل ،

ولمّا تقع بين يديك ، إسألها لماذا يفعلن ذلك ، ولا تطلق سراحها إلا بعد أن تتعهّد هي ورفيقاتها بعدم المجيئ إليك ،

ووضع الحنة في يديك ، هل فهمت؟ أجاب الفتى : نعم يا معلم!

إقرأ أيضا: كان هناك رجل يغضب على الدوام

أحضر أونامير الحبل ، وتظاهر بالنوم ، وأخذ يصغي لضحكاتهن ،ويستمتع بأناملهنّ على جسده ، ثم بدأن بالإنصراف ،

ولمّا جاء دور الأخيرة وقعت ساقها في الحبل ، فنهض وشاهد على ضوء القمر حورية جميلة الوجه تحاول الفرار ،

ولمّا رأته يحملق فيها ، توسلت إليه ليطلقها ، وعليها أن تلحق برفيقاتها قبل أن تشرق الشمس ،

لكنه قال : أولا أريد أن أعرف لماذا تضعون الحنه على يديّ؟

فبسببكنّ ضربني الشّيخ وسخر مني من كان في حلقة الدرس!

أجابته : نحن من بنات الجان نسكن في الجبل الذي يطل على القرية ، ولا نخرج إلا في الليل.

وأحد الأيام شاهدناك فأعجبنا جمال وجهك ، وصرنا نأتي إليك وأنت نائم ، فوجودك يسلّينا ،

أنا أعتذر إن أقلقت راحتك مع رفيقاتي ، وأعدك أن لا يتكرّر ذلك!

إنحنى أونامير ليفكّ عنها الحبل ، لكنّه توقّف لمّا رأى شدّة بياضها ، فقال لها : لا أقدر على فراقك ، وأريدك أن تبقين معي!

أجابته : لي شرط ، سألها وما هو؟

ردّت الحورية: : أريد منك منزلا بسبع غرف تغلق بمفتاح واحد ، تحتفظ به ، فلا يراني أحد أبدا.

والآن دعني أذهب إلى أهلي ، فإنك لن تستطيع تحقيق ذلك الشّرط.

قال أونامير : أعطيني عشرة أيّام ، فإن لم أحقّق طلبك تركتك ترحلين!

كان قرب القرية قصر مهجور ، فنقل الحورية إليه ، وقال للشّيخ أنّ أمّه مريضة ، وسيحملها لطبيب في مكان بعيد ،

فأعطاه صرّة دنانير لنفقته.

فبدأ الفتى يصلح ذلك القصر ، وكان ماهرا في البناء ، واشتغل بجدّ ، والحورية تغنّي له كلّ يوم ، فتزيد من قوّته.

إقرأ أيضا: حكاية الفقير والدجاجة المشوية

وفي اليوم العاشر عاد للقصر رونقه ، وجعل فيه سبعة غرف تأدّي كلّ واحدة منها للأخرى ثمّ تزوّج من الحورية ، وأسكنها في الغرفة الأخيرة.

وكان يغلق عليها الأبواب السّبعة بمفتاح واحد يحتفظ به كي لا يطلع أحد على سرّه.

صار أونامير يمضي معظم وقته في القصر ، فقد كان خرابا ، وفي حاجة إلى كثير من التّرميم ، ولا يرجع لدارهم إلا في الليل ،

فيتعشّى وينام.

وفي الصّباح يخرج بعد أن يحمل طعاما للحورية ، أمّا أمّه فلا تسأله عن سبب غيابه ،

فهو لم يعد صغيرا لتخاف عليه.

وذات يوم بينما هو يصلح أحد الحيطان عثر على جرّة مليئة بالفضّة ، ففرح ، ونزل للسّوق فاشترى قطيعا من الغنم ،

وملابس جديدة لزوجته ، وقال لها : لقد جئت ، ومعك السّعد ، ولن أخشى الفقر بعد الآن ،

وكلما رجع إلى أمّه أحضر لها قفّة عامرة ، وأخبرها أنّه رزق من الله ، فكانت تدعو له بالخير.

مضت الأيّام ، وتساءلت جاراتها عن سرّ إختفاء أونامير طول النهار ، والرّجوع بكلّ ما تشتهيه النّفس من الأكل والثّياب.

فأرسلن وراءه أحد الصّبيان ليعرفن أين يذهب كلّ صباح ، ورآه يمشي في إتّجاه القصر المهجور ،

وسمعت أمّه بالحكاية ، ولمّا رجع تلك الليلة لامته عن إهماله للدّروس في المسجد ، فأجابها أنّه لم يعد يطق حياة الفقر ،

ويريد كسب رزقه ، وأنّ حلقة الشّيخ لم تعد تهمّه.

بقيت المرأة طول الليل تفكّر في السّبب الذي جعل إبنها الخجول يتغيّر فجأة ، وقالت في نفسها :

لا بدّ أن أدخل ذلك القصر ، وأرى ماذا يفعل ذلك الولد الشّقي هناك!

وكان من عادة أونامير أنّه إذا خرج أخفى المفتاح تحت حجرة ،

وفي الصّباح إنتظرت المرأة حتى ذهب إبنها للمرعى ، ثم إقتربت من باب القصر ، وحاولت فتحه ،

لكنّه كان مغلقا بالمفتاح ، فأخذت تدور لعلّها تجد مدخلا آخر ، لكن فجأة تسلّل ثعبان من أحد الشّقوق ،

إقرأ أيضا: قصة راعي الغنم وصاحبة الشهادة

وقال لها : لقد حاول إبنك قتلي ، ولذلك سأدّلك على مكان المفتاح ، أرأيت ذلك الحجر؟

أدخلي يدك تحته ، وستجدينه هناك.

سمعت المرأة كلام الثعبان ، وبعد دقائق كانت تدير المفتاح في القفل ، فانفتح الباب محدثا صريرا عاليا ،

ولمّا دخلت الرّواق وجدت غرفة مغلقة ، ولمّا فتحتها ، تعجّبت لوجود باب ثان ، وكلّما فتحت بابا وجدت آخر ،

وواصلت ذلك حتى وجدت نفسها أمام الباب السّابع ، فتردّدت قليلا ، لكن تملّكها الفضول ،

وما أن دفعته برفق حتى رأت بنتا شقراء جالسة أمام المرآة. ،تمشط شعرها الطويل ،

فاندهشت أمّ أونامير من شدّة جمالها ، وقالت : ويحه ، هذه ليست من بنات الإنس ، وهي لا تأكل سوى أطيب الطعام ،

ولا تحبّ إلا أرغد العيش ، وعوضا أن يصبح إبني معلّما أتباهى به أمام الجيران سيتعب ، ويشقى لإرضائها.

ثمّ إقتربت منها ، ولم تتردّد في إطلاق لسانها بالسّب والشّتم ، وإتّهامها بسحر إبنها ، والقدوم به إلى هذا المكان الموحش الذي ينعق فيه البوم ،

وحذرتها إن لم تبتعد عن إبنها ، لضربتها بقسوة ، وشدّت شعرها ، ثمّ خرجت ،وهي تلوّح بيدها ، وتتوعّدها بالإنتقام.

بقيت الحورية تبكي ثمّ غطّت رأسها ، وفتحت النافذة وبعد ذلك جرت حتى الغابة.

بعد ساعتين رجع أونامير يحمل لحم غزال ، وصاع كسكسي لتطبخ إمرأته الطعام ، فوجد غرفتها فارغة ،

فدار في القصر ، وناداها لكن ليس من مجيب.

ولما إلتفت رأى رسالة تلومه فيها على عدم الإحتفاظ بالمفتاح معه ، وقبح لسان أمّه التي أشبعتها سبّا ،

وإن كان لا يزال راغبا فيها فعليه أن يأتيها لقمّة الجبل ، ودونه أهوال وأغوال.

أمّا أونامير ، فتحامل على نفسه ، ورجع لأمّه وهو في حالة يرثى لها ، وقال لها : أنا هالك لا محالة ،

فتلك الحورية تجعلني أحيا ، وسأموت حسرة وكمدا عليها.

فردّت عليه : إنّها ليست من جنسنا! وأنا أخاف أن تبعدك عنّي.

إقرأ أيضا: أونامير والحورية الجزء الثاني

وإذا كنت تريد زوجة ، فسأخطب لك زهيّة بنت التّاجر قاسم أجمل بنات القرية ، وأبوها من الأعيان ،

وسيعطيكما دارا تعيشان فيها.

لكن أونامير إستلقى على فراشه ، وبدأ يبكي ويصيح حتى أشفقت أمّه عليه ، وشعرت بالنّدم على ما فعلته ،

فقد كان سعيدا وواثقا من نفسه ، أمّا الآن فحاله صار لا يعجب أحدا.

نام الفتى طول النّهار ، ولمّا إستيقظ سأل عن الحورية ، فلم يصدّق أنّها ذهبت دون رجعة ،

وفي الليل كان يسهر أمام النّافذة لعلّها تأتي.

ومرّت الأيام ، ولم تزد حالته إلا سوءا ، وتوقّف عن الطّعام والشّراب ، أمّا أمّه ، فدارت على العرّافين والمشعوذين ،

وكلّ واحد يقول لها شيئا حتى دلّها النّاس على شيخ أبيض اللّحية يعيش في مغارة.

فذهبت إليه على ظهر حمار ، وقصّت عليه حكاية إبنها وما جرى له.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?