حكاية الأسد والثعلب
حكاية الأسد والثعلب
يحكى في سالف العصر والأوان عن غابة بعيدة تعيش فيها الحيوانات بانسجام ومحبة ،
وكانت السباع لا تأكل سوى ما يدخل لتلك الغابة من خنازير برية أو غزلان ،
وتأتي الضباع والثعالب للأكل بعد الأسود والنمور ،
لكن مضت فترة ولم يدخل أي حيوان للغابة ، فجاع الثعلب ، واحتال على الحمار الوحشي وأوهم الأسد أنه غريب عن الغابة فقتله ، وأكله.
بعد ذلك جاء الثعلب ومصّ العظام ثم مسح شفتيه ، ولاح عليه السرور.
لقاء الغزالة والقرد : في الغابة الكبيرة كانت بيوت الحيوانات قريبة من بعضها البعض ،
فكانوا يزورون بعضهم البعض ومن غاب منهم يسألون عنه.
وفي إحدى الأيام تقابلا القرد وجارته الغزالة :
القرد : السلام عليكم كيف حالك يا جارتي؟ لقد مضت أيام عدة ولم أراك.
الغزالة : وعليكم السلام أنا مشغولة جدا بالصغار ، فإنني أستيقظ في الصباح الباكر لإحضار الطعام ،
ثم أعود لأرعاهم وأنظفهم وهكذا يمر اليوم واليوم الذي يليه.
القرد : لا عليك يا جارتي فالحياة هكذا تشغل الجميع ، لكن هل رأيت جارنا الحمار الوحشي؟
لأنني كنت مارا اليوم من أمام بيته فوجدت الباب مفتوحا ، ولا أثر له فقلقت عليه.
أجابت الغزالة هذا غريب ، وأنا أيضا لم أراه منذ يومين ، هيا بنا لنسأل عنه.
ذهب القرد والغزالة إلى بيت الحمار الوحشي لكي يعرفوا سبب غيابه ،
وبينما هما واقفين ينظران هنا وهناك مرّ الكلب ، فسألهما : “لماذا تقفان أمام بيت الحمار؟
وأخبرهما أنه رآه بصحبة الثعلب في أطراف الغابة.
فتعجب القرد والغزالة لأنه ليس من عادة الحمار الوحشي أن يسير مع الثعلب ،
قرر ثلاثتهم أن يذهبوا إلى بيت الثعلب وعندما وصلوا بيته طرقوا الباب ليخرج إليهم قائلا : ماذا تريدون؟
إقرأ أيضا: قصة الحصان الأعمى
رد الكلب : جئنا للسؤال عن صديقنا الحمار الوحشي.
حك الثعلب رأسه وقال : ليس لي علم بمكانه. صاح الكلب : ويحك لا تكذب ، لقد رأيته معك.
قال الثعلب : آه ، نعم هذا صحيح لكنه ذهب ولم أره بعد ذلك ، ومن يدريني بمكانه ، فربما هو في ضيافة أحدهم أو غادر الغابة !
أجاب الكلب من يغادر يحمل أمتعته وفي دار الحمار كل شيء مكانه ، ولم ينقص شيء.
صدمت الحيوانات وبينما هم في طريقهم للبحث عن صديقهم الحمار الوحشي توقّف الكلب قائلا :
انظروا أليست هذه ساق جارنا الحمار الوحشي؟
إنتشر الخبر وأخذت جميع الحيوانات تبحث في كل مكان وقد إشتد بهم الفزع ليجدوا عضامه ملقاة عند عرين الأسد.
فقال القرد : لقد أكل الأسد صديقنا الحمار الوحشي وهو يسير بمفرده في أطراف الغابة.
ردّت الزرافة : ليست عادة الحمار أن يقترب من هذا المكان لابد أن في الأمر من خدعة ، وأنا أشك في الثعلب ،
فإن اللؤم في طبعه ، لا يغرّنّكم وداعته ، فكم توجد وراء الإبتسامة الدّواهي.
لقاء الثعلب مع الأسد :
ذهب الثعلب إلى الأسد وسأله : كيف حال مولاي بعد وجبة أمس الشهية؟
الأسد : أتقصد الحمار الوحشي؟ أجاب الثعلب : “نعم”. قال الأسد : “ولكن كيف أتيت به إلى هنا؟”
إبتسم الثعلب بزهو ، وقال : لقد خدعته يا مولاي.
رد الأسد : يا لك من ثعلب مكار ، أريد منك إذن أن تحضر شيئا آخر ما دمت بارعا وطبعا أترك لك حصة ، هل اتفقنا؟
وعد الثعلب أن يأتيه كل يوم بحيوان.
كشف المستور :
بعد أن علمت جميع الحيوانات بقصة صديقهم الحمار ، حزنوا على موته حزنا شديدا ،
وبينما هم جالسون ، جاء الثعلب ، وتصنّع البكاء ثم قال : لا شك أن الأسد ظنه حمارا غريبا فالأحمرة الوحشية تتشابه في ألوانها!
أعتقد هذا ما حدث!
إقرأ أيضا: من روائع باولو كويلو
قال القرد : الحمار جارنا لا يذهب إلى المكان الذي يصطاد فيه الأسد ، ولا أحد منا يغامر بذلك وهذا حقا قول غريب أيها الثعلب !
أحس الثعلب بالحرج وقال : قد يكون مشغول البال ، وظل الطريق.
رمقته الغزالة ، وردت ليس له زوجة وأولاد لينشغل بهم ، وهو دائما رائق ، ويحبّ الحياة ، وهكذا نعرفه.
تلعثم الثعلب ، وقال : كفّوا عن سؤالي ، فأنا لا أعلم شيئا : كنت أسأله عن كيفية نظافة بيتي.
وهنا علمت جميع الحيوانات أن للثعلب دورا في موت صديقهم الحمار الوحشي ، وصارت تحذر منه ،
فلم يجد الثعلب حيوانا واحدا يحتال عليه ،ويقدمه فريسة لمولاه الأسد.
الجزاء من جنس العمل :
وذهب لعرين الأسد يسترضيه وأنه يبذل قصارى جهده.
الأسد : ادخل أيها الثعلب لقد أعددت لك حفلة.
فطمع الثعلب ودخل لكن الأسد قفز وجاء أمام المدخل : وقال : الجوع يمزق أمعائي ،
وأنت لا تستطيع أن تقدم لي فريسة أخرى بعد أن ابتعدت عنك جميع الحيوانات.
الثعلب : أتغدر بي يا سيدي؟ لقد خدعتني حتى أدخل عرينك ، أليس هذا ما فعلته؟
رد الأسد : وما الغريب لقد غدرت بصديقك الحمار الوحشي ، وأنا لا أجد طعاما الآن غيرك ،
وأمسك برقبته ليأكله ، فتأوه الثعلب وقال : نعم إني أستحق هذا الجزاء ؛ وهكذا كانت نهايته الأليمة ،
واستحق ما صار له فقد خدع صديقه ، فجاء اليوم الذي خدعه فيه الأسد ، وكما يقول المثل المتسّلفة مردودة.