حكاية الأسد والحطاب
حكاية الأسد والحطاب
كان يا ما كان في قديم الزمان ، كان هناك غابة جميلة جدا ، وكان يحكم هذه الغابة أسد قوي وكانت جميع الحيوانات فيها تطلب رضاه.
وكان برفقة هذا الأسد على الدوام غراب وذئب لا يفترقان عنه أبداً ،
وذلك لأنهما كانا يأكلان من بقايا طعام الأسد فقد كان يأنف أن يعود لفريسته مرة أخرى.
وبهذه الطريقة اتكل الغراب والذئب على ملك الغابة وشعرا بالإرتياح من عناء الصيد وتعبه.
وكان في طرف غابتهم الجميلة بيت لحطابٍ يقتات من ثمن الأخشاب.
وفي أحد الأيام قرر الحطاب الدخول للغابة ليقتطع بعض الأخشاب منها ،
فحضَّرت له زوجته طعام الغداء وودعها داعية له بالتوفيق والتيسير.
وما إن وصل الحطاب للغابة حتى ابتدأ بالتحطيب وقطع الأشجار ، وإذ بالأسد والحطاب يتواجهان.
ولأن الحطاب رجل ذكي لم يظهر على نفسه الخوف أو الرعب ، إنما قال للأسد أهلًا بسيد الغابة وملكها.
فابتسم الأسد تلك الإبتسامة المغرورة لأنه شعر بقيمته ، وقال للحطاب : ألستَ خائفًا مني!
فرد عليه الحطاب : وكيف أخاف منك وأنا كنت أصلي وأدعو أن ألتقيك ، وقد استُجيب لدعائي.
فقال له الأسد : ولم أردتَ الإلتقاء بي؟ وأنت لا تعرفني!
فقال له الحطاب : ومن لا يعرف ملك الغابة ، وزوجتي قد حضرت لك الطعام وأرادت أن تتناول من طعامنا.
فَقال له الأسد : ولكني لا آكل إلا اللحوم وطعامك هو الخضار!
فقال له الحطاب تذوقه ولو لمرة واحدة وبعدها قل رأيك.
اقترب الأسد والحطاب من الطعام الذي حضرته الزوجة وأكلا منه بشراهة ،
وبعد أن فرغ الأسد من الطعام ، قال للحطاب : حقًا إن طعام زوجتك لذيذ جداً
فقال له الحطاب : سأحضر لك الطعام كل يوم بشرط ألّا يعرف أحدٌ بما بيننا ، وتعاهد الأسد والحطاب على كتمان السر.
إقرأ أيضا: الخاتم العجيب الجزء الأول
مرّت الأيام والأسد يأكل من عند الحطاب وتوقف عن الصيد وأكل اللحوم ،
فغضب الغراب والذئب عن توقف الأسد عن الصيد واتفقا على اللحاق بالأسد ليعرفا سر توقفه عن الصيد وتوفير الطعام لهما!
وعندما خرج الأسد كعادته لحق به الغراب والذئب من مسافة بعيدة وعلما بقصة الحطاب ،
فتعاهدا على إبعاد الحطاب عن الأسد لأنه ألحق الضرر بهما.
وعندما عاد كلاً من الأسد والحطاب لبيته ، انتظر الغراب والذئب الأسد في عرينه ، وقالا له :
لقد صدنا اليوم صيدًا وفيرا هيا فلتشاركنا فيه.
فقال لهم الأسد لا فقد غيرت عاداتي القديمة وتوقفت عن أكل اللحوم بفضل صديقي الحطاب وأكل زوجته اللذيذ.
فقال له الذئب : هلّا عرّفتنا عليه ، وهو يضمر بنفسه تفرقتهما.
وفي اليوم التالي وبينما الحطاب ينتظر الأسد وإذ به يسمع صوتًا غريبًا ، لمحَ الغرابَ والذّئبَ مع الأسد ،
فلم يستبشرْ بهما خيرًا وصعَدَ لأعلى الشجرة.
فقال الأسد له : انزل من على الشجرة فهذان صديقاي أرادا التعرّف عليك.
فردّ عليه الحطاب : ألا تذكر عهدنا بألا يعلم أحد بصداقة الأسد والحطاب ، وبما أنك قد أخلفت عهدك معي ،
فأنا أحلك من هذه الصداقة ، فالذي كسَرَ عهدَه من أجل الغراب والذئب قد يقتلني من أجلهما.
ندم الأسد على بوحه بالسر ، لأن الحطاب ألزمه به ولم يفي به ، انتهت صداقة الأسد والحطاب ، وتركه وهو مشتاق له.
أما الماكرين الذئب والغراب فظنا أنهما فرقا بين الحطاب والأسد ،
ولكنهما لم يكونا يعلمان أن الأسد أنهى بدوره وجودهما معه ، حيث طردهما من كل الغابة ، ومن يجرئ على رفض أوامر ملك الغابة.