حكاية الأميرة ذهبية الشعر الجزء الثاني

حكاية الأميرة ذهبية الشعر الجزء الثاني

لكن فجأة ظهرت السّلحفاة وحملت جوهر على ظهرها ، وطلعت به إلى السّطح ، بعد قليل فتح الفتى عينيه ببطئ ، وتساءل أين أنا؟

فأجابته السّلحفاة : لقد كدت أن تهلك ، لكن مازال هناك بقيّة في عمرك ، قريبا سنصل إلى الشّاطئ وسيكون بإمكانك أن تستريح وتجفّف ملابسك.

ولمّا وصلا أشعل جوهر نارا ، وجلس يتدفّأ بعد أن علّق ملابسه على الأغصان بينما ذهبت السّلحفاة للصّيد.

وبعد ساعة رجعت ، ومعها سلة مليئة بالسّمك ، فوجدته أحسن حالا ، وقد ربط عمامته على رأسه ، ولبس جبّته ،

وبعد أن أكل وشرب قالت له السّلحفاة : أخبرني ما الذي جاء بك إلى هنا ؟ وكيف تثق في رجلين غريبين لا تعرفهما؟

تنهّد جوهر ، وأخبرها بقصّته ، وكيف قطع البراري والجبال ليجد الأميرة ذهبيّة الشعر.

كانت السّلحفاة تستمع بانتباه ، ومن حين لآخر كانت تهزّ رأسها ثم قالت له : ما أعجبها من حكاية!

لكن بإمكاني مساعدتك ، فالأميرة ليست ناحية البحر كما زعم الصّيادن بل في الجبل الفضّي ،

وهو على بعد عشرة أيام من هنا ، لكن دونه الأغوال والأهوال.

أجابها : لا بد أن أجد الأميرة ، قالت له السّلحفاة : لا تصدّق كّلما تراه ، ووراء أجمل الأشياء قد يختفي الموت الزّؤام ،

ثمّ ودّعها وسار في طريقة بعدما وضع ما شواه من سمك في صرّة ، وحمل قوقعة كبيرة ملأها بالماء.

حين وصل إلى سفح الجبل رأى قطعة كبيرة من العقيق الأحمر تلمع ، فمدّ يده ، لكنه تذكرّ كلام السّلحفاة ،

فجلس على الأرض ليمسح عرقه ، وفجأة رأى طائرا يحطّ على الحجر وما كاد يلمسه حتى إلتصق به ،

وخرجت حشرة كبيرة تشبه أم أربعة وأربعين دقّت عنقه ، ثمّ جرته إلى غارها في الصخور ، فحمد الله أنّه لم يلمسه.

إقرأ أيضا: قال لزوجته أتركي أمي بمكانها حتى يأتي من يأخذها ويخلصنا منها أو تموت

ثم مشى قليلا ، فرأى مجموعة من السّحالي هاربة من عقاب في الجوّ ، لكنه ضرب إحداها بمخالبه فقتلها ،

ولما إبتعد إلتفّت حولها الآخريات ، وأخذن نبتة عصرنها في فمها ، فالتئمت جراحها ورجعت إلى الحياة.

فتعجب الخادم ، وأخذ من تلك النبتة ورماها في جيبه ، وواصل طريقه ، وفي النهاية بلغ الجبل فوجد قي قمته مملكة عظيمة ،

فسأل عن قصر السلطان ، فأشار له النّاس إلى بناية أبوابها من الفضة المطعمة بالياقوت ،

ولمّا وقف بين يد السّلطان أخبره أنّه يريد خطبة الأميرة ذهبيّة الشّعر إلى سيّده ولقد أحضر له هديّة لكنّها سرقت منه.

أجابه السلطان : لا بأس في ذلك ، وإن وصوله إلى هنا مكسب ، فجميع من جاء لطلب إبتنه أكلتهم الحشرات الضخمة التي تعيش حول مملكته ،

ولكن ليقبل الخطبة عليه أن يقوم بثلاثة أعمال لينال رضاه ، قال له : أوّلا عليك أن تبحث عن مائة زمرّدة في الغابة ،

وتثقبها ، وتصقلها ، ثمّ تصنع منها عقدا للأميرة ، وأمهلك ثلاثة أيام!

فحك جوهر رأسه وقال : تبّا ، كيف سأجدها؟ فالغابة مليئة بالحشرات المفترسة والعقارب.

ثم مشى في الغابة وهو ينظر يمينا وشمالا ، وقارب الليل على النزول ، ولم يجد زمرّدة واحدة.

ولمّا تملّكه اليأس ، وهمّ بالرّجوع ، سمع صوتا يقول له : ألست أنت الفتى الذي أنقذنا من الحريق ؟

وحين نظر إلى مصدر الصوت إبتسم ، فلقد كانت ملكة النّمل وهي في موكب عظيم ، سألته ويحك ماذا تفعل في هذا المكان الموحش؟

فقص عليها حكاية الأميرة ذهبية الشّعر ، وعقد الزّمرد الذي إشترطه عليه أبوها ،

فقالت له لا تقلق ، فلي الكثير من الأهل هنا ، وسنجهّز لك العقد ، أمّا أنت ، فاسترح ، وموعدنا هنا بعد يومين.

إقرأ أيضا: حكاية الأميرة ذهبية الشعر الجزء الثالث

أخبرت ملكة النّمل أخواتها فخرجن مع أعداد لا يحصى من النّمل ، وكلما وجودوا زمرّدة سلّموها للعاملات اللواتي يقمن بصقلها ،

وثقبها وفي الموعد المحدّد.

كان العقد جاهزا ، فحمله جوهر للسّلطان الذي لم يصدّق عينيه ، وقال له : اعترف بأنك شخص مدهش ،

فلا الإنس ولا الجنّ يمكنهم صناعة هذا العقد.

حسنا سأكلفك بالمهمّة الثانية ، وهي أكثر صعوبة ، ولو نجحت فأنت مدعوّ لمائدتي التي عليها من الخير ما لم تره عيناك.

يتبع ..

Exit mobile version