حكاية الحطاب والقرد الجزء الأول
حكاية الحطاب والقرد الجزء الأول
أحد الأيام ذهب حطاب فقير للغابة ، وجمع حزمتين كبيرتين من الأغصان الجافة وثم وضعهما على حماره ، ونزل السّوق مع إمرأته.
وبينما كان يسير في طريقه إعترضه صياد ، وعرض عليه أخذ الحزمتين مقابل قرد وقع في شبكته ،
أعجبت الفكرة الحطاب ،وقال لإمرأته : إنّه حيوان لطيف وسيؤنس وحدتنا ، لكنها صاحت : ويحك يا رجل!
نحن بحاجة إلى المال ، أم هل نسيت ذلك؟
لكن القرد إقترب من الحطاب وقال له : لا تسمع كلامها ، وأبعد عنك هذه الحمقاء ، وأنا سأزوّجك إبنة الملك ،
رمقه الرّجل بطرف عينه فرأى أمارات الجدّ على وجه ذلك الحيوان الصّغير ، فقال للمرأة :
إرجعي إلى أهلك فلم أعرف معك إلا الفقر ، والأن سأذهب للقصر لطلب يد الأميرة.
ولمّا وصل للقصر ، علم أنّ الملك يضع شرطا صعبا لمن يريد الزّواج من إبنته ، ولا يرضى بأقلّ من وزنها ذهبا!
قال الحطاب للقرد : لقد خدعتني ، فمن أين آتي بكل هذا الذهب للأميرة؟
أجاب القرد : لا تقلق يا صديقي ، سأتدبّر الأمر ، ثمّ قفز من الأشجار على حافّة نافذة إبنة الملك ، وكانت مفتوحة ،
وبدأ يرقص ببراعة ، لما رأته الفتاة ضحكت ، وأعجبها القرد ، فمدّت إليه موزة فقشّرها وأكلها ،
ثم خرج ، وقطف باقة من الزّهور ، ووضعها على المنضدة ، ثم جلس في حجرها الدّافئ ،
ونظر إليها بعيونه الواسعة ، فأطعمته حتى شبع ، ولمّا أرادت النوم وضعت له جلد خروف لينام عليه.
لكنّه بعد قليل صعد قربها ، فمسحت على رأسه واستمتع القرد بكفّها النّاعم ، وقالت له : تبدو سعيدا أليس كذلك؟
فحرّك رأسه ، فتعجّبت ، وقالت : كأنّك تفهم كلامي أيّها القرد الصّغير ؟
فأجابها : لم تخب فراسة مولاتي فأنا أفهم ما تقولين.
زادت سعادة الأميرة ، وقالت له : أبي يحبسني في هذا القصر ، ويمنعني من الخروج وأنا أشعر بالملل ،
فبدأ القرد يقصّ عليها أعجب الحكايات ، وهي تسمع حتى نامت.
إقرأ أيضا: حكاية الحطاب والقرد الجزء الثاني
في الليلة الثانية ، سألها القرد سمعت أنّ أباك يشترط وزنك ذهبا مهرا لك ،
ومن المؤكّد أنّ خزائنه فارغة ، ويريد ملأها بالذّهب ، قطّبت الأميرة حاجبيها ،
وأجابته : أنت لا تعرف ثرائنا ، وأبي يحتفظ بماله في مخبأ داخل سرداب القصر ، والمفتاح يعلّقه في رقبته.
لما نامت تسلل القرد إلى غرفة الملك وسرق المفتاح ، ثم جرّبه في كلّ الأبواب المغلقة التي وجدها في السّرداب ،
ولم يبق إلا باب صغير قديم ، ولمّا أدار المفتاح انفتح ، وظهر ورائه كنز عظيم من الذّهب والجواهر ،
فكان كل مرّة يملأ كيسا ويرميه من النّافدة ، حتى جمع مقدارا كافيا ، ثم أغلق الباب وأعاد المفتاح لرقبة الملك ،
وعاد لفراش الأميرة ، وأغمض عينيه ، ونام.
في الصّباح الباكر دخل الحطاب حديقة القصر من ثقب في الحائط ، وجمع الذّهب ، ثم خرج وجلس تحت شجرة ينتظر فتح الأبواب.
بعد قليل صاح الحرس من له حاجة عند الملك فليدخل ، ولمّا جاء دوره قال : أصلح الله حال مولاي لقد جئت لطلب يد الأميرة!
سأله الملك هل تعرف الشرط؟ أجابه نعم!
ثم صب الذهب في الميزان حتى تعادلت الكفتان ، والملك يتعجّب من هذا الرجل ،
ولما سأله من أين له كل الثراء ، قال له: إنه تاجر جواهر ، فظهر الطمع على وجهه ،
وقال له ستكون صهري وسأعينك وزيرا وأعطيك قصرا يليق بمقامك ،
وليلة العرس إشترى الحطاب حلة فاخرة وركب حصانا من كرام الخيل ومشى بين يديه الخدم والعبيد ،
وتزوج الرجل الذي كان معدما من الأميرة وسعد معها.
في أحد الأيام كانت تمشط شعرها الجميل فتذكر خدعة ذلك القرد الخبيث ،
الذي زوجه أحلى البنات دون دفع درهم واحد فضحك حتى سالت دموعه ،
لكن الأميرة غضبت منه ، وقالت : هل تسخر مني ، أم من أبي الذي وافق أن يزوّجني إياك لنقودك!
ومن يدريني أنّك لم تسرق ذلك الذّهب ، فليس لك شيء من طباع السادة والأشراف!
يتبع ..