حكاية الحكيم الزاهد والسلطان
حكاية الحكيم الزاهد والسلطان
إتق دعوة المظلوم ، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب.
أخلص حكيم لأحد السلاطين الطغاة النصيحة ﻓﻐﻀﺐ ، ﻭﺃﻣﺮ بحبسه سبع سنين.
ﻭفي أحد الأيام جلس السلطان للنظر في المظالم ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻛﻼمه ﻓﺄﻣﺮ به فحضر ﺑﻴﻦ يديه.
قال السلطان : طلبت النصيحة ، انتظرت عبارة مليحة ، فجاءت قبحك الله نطيحة ،وتركت كبريائي جريحة.
قال الحكيم : أنا طبيب إذا دخلت على مريض ﺃﻧﺼﺤﻪ وأنت طلبت مني أن أعاين الداء ، وأسعى للشّفاء.
قَال السلطان : ومن سمح لك أن تصف لي مرّ الدّواء.
قال العالم : واأنت كيف تريد السلامة دون عناء؟
فقال السلطان : أنا أمير البلاد.
قال الحكيم : وأنا توكلت على رب العباد.
فقال السلطان : أما علمت أن من تجرأ علي. فقد عرض نفسه للتلف.
قال الحكيم : وأنت ما علمت أن ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺃ ﻋﻠﻰ الله يكون للنار علف.
قال السلطان : لم يقل لي عالم واحد ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻚ.
فقال الحكيم : علماء الدنيا والدرهم والدينار هم صنيعة حكمك ،
لذا فهم ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ سجنك ودرهمك لهم عشيقة ، ﻭﺃﻧﺎ أتشبّه بيوﺳﻒ ، وأقول لك الحقيقة.
ﺍﻟﺴّﺠﻦ أسهل عندي ﻣﻦ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﺭﺿﺎﻙ ، لا أحب في جهنم لقياك.
فطاب قلب السلطان ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ : ﺍﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ.
قال الحكيم أنا الأن ﺷﻴﺦ أريدك أن ترد ﻋﻠﻲَّ ﺷﺒﺎﺑﻲ.
فقال السلطان : ﻻ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ حتّى ولو كان مرادي.
قال الحكيم : إمنع عني الموت.
إقرأ أيضا: يحكى أن رجلا كان يعمل في أحد المصانع الكبيرة
فقال السلطان : ﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﺫﻟﻚ ، حتى ولو تمنيت.
قال الحكيم : سأقف إذا ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﻳﻘﺪﺭ على ذلك بهمسة صوت.
قال ﺍلسّلطان بحرج : ﺳﺄﻟﺘﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺒﺮﺡ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎً.
فقال الحكيم : إن كان ولابد ، سأطلب من أدنى عبد في قصرك أيها السلطان.
قال السلطان : هذا جهل منك ، ﺗﺘﺮﻛﻨﻲ ﻭﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ أدنى عبيدي ، هذا والله هوان.
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻳﻐﻀﺐ الله ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺗﺘﺮﻛﻨﻲ ، ﻭﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ السلطان وهو ﺃﻗﻞ عبادي.
فقال السلطان : ﻻ ﺗﺒﺮﺡ ﻣﻜﺎﻧﻚ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻲﺷﻴﺌﺎ.
قال الحكيم : ﺍﺣﻤﻞ ﻟﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻛﻴﺎﺱ ﺣﻨﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻙ.
قال السلطان : ﻟﻮ ﻗﺪﺭﺕ ﻟﻔﻌﻠﺖ ولما تأخّرت.
فقال الحكيم : ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ ﺛﻼﺛﺔ أكياس ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻨﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻙ ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻘﺪﺭ على ﺃﻭﺯﺍﺭ الناس يوم القيامة ،
وسبعة سنوات في سجنك سامحك الله على فعلك لقد سلب الجاه عقلك ، وستعيش مع ذنبك.
العبرة
شعر (علي بن أبي طالب)
لا تظلمنّ إذا ما كنت مقتدراً
فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنمِ
« ففي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صل الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن ، فقال :
«اتق دعوة المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب».
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم «دعوة المظلوم تحمل على الغمام ، وتفتح لها أبواب السماوات ،
ويقول الرب تبارك وتعالى : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين». أخرجه ابن حبان في صحيحه.