Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

حكاية النعوشة والغربال

حكاية النعوشة والغربال

منذ زمن بعيد عاشت إمرأة فقيرة مع زوجها في أحد القرى البعيدة ، وكانت تعمل معه في الحقل ورغم تعبها وتفانيها في شغل البيت ،

إلا أنّ زوجها دائما ما كان يعاملها بقسوة ، ويعاقبها على أبسط الأشياء بالضّرب والإهانة.

كانت تلك المرأة صابرة ، فعلى الأقل لديها سقف يأويها ، وحقل تأكل منه ،

لكن أمنيتها الوحيدة هي إنجاب طفل يكون أنيسًا لها في تلك الحياة القاسية التي تعيشها.

المشكلة أنّها كلما حملت ، فقدت الجنين بسبب الإجهاد الشديد ، والتعب.

وفي أحد الأيام علمت المرأة أنّها حامل ، ففرحت فرحًا شديدًا ، ودعت ربّها أن يكمل هذا الحمل ،

وبالفعل استجاب لها الله ، وولدت طفلا جميل الوجه ، كانت تشعر بالسّعادة كلما نظرت إليه ،

فهو الصّديق المنتظر ، الذي طالما حلمت به.

كانت تأخذه معها إلى الحقل ، وتضعه فوق ظهرها ، فلم تكن تريد أن يبتعد عنها ولو لحظة واحدة.

مع الوقت كبر الولد ، وأصبح يساعدها في شغل الحقل ، ووقت الطعام يجلسان ويأكلان معا.

أمّا زوجها فصار أكثر رقّة معها لمّا رأى اهتمامها بالطفل ، ورغم أنّه يحرمها ، إلا أنّ جاراتها يشفقن عليها ،

ودائما يعطينها الملابس ، والمال لتنفق على ابنها ، وبدأت حياتها تتحسّن ، وحمدت الله على ذلك.

وفي أحد الأيام كانت في الحقل ، وطلبت منه أن يحضر غربالا من عند جارتها لإعداد العولة،

وبالفعل اتّجه الولد إلى جارتهم ، وطلب منها الغربال ، لكنه لمّا استدار لييعود لأمّه ، وجد أرنبا جريحا ،

لفت انتباهه ، فرمى الغربال أمام دارهم ، ومدّ يده ليمسك به، إلا أنّه هرب.

ثمّ وقف ينظر إليه ، فجرى الولد ورائه ، لكنه إبتعد دون أن يشعر داخل الغابة ، وفجأة تذكّر أمّه ،

فرجع وبحث عن الغربال في كلّ مكان لكنّه لم يجده ، ونسي أنّه تركه قرب دارهم.

أحسّ الولد أنّه تأخّر ، وأنّ والدته سوف تعاقبه ، لكن لم يكن أمامه سوى العودة دون الغربال ،

وحكى لها أنّه فقده ، فغضبت الأمّ ، وصارت تضربه بقسوة بعصا حتى مات في يدها.

إقرأ أيضا: المزارع وأولاده الثلاثة

وهنا كانت صدمة الأمّ قوية فقد مات إبنها الذي طالما انتظرته ، وحلمت به ،

فبكت طول اليوم ، ولطمت وجهها ، ثم نامت ، وفجأة سمعت صوتا يتحّرك قربها ،

ولما فتحت عينها رأت طائرا قبيح الوجه أحمر العينين ، وقال لها : لم يتبقّ لك شيء بعد موت الطفل ،

فلن تجدي المساعدة من جيرانك
وسيعود زوجك لضربك ، هل هذا ما تريدينه؟

لكن المرأة أصبحت دون إحساس ، ولم تشعر بالخوف منه ، وأجابت : لقد إنتهت حياتي ، لكني سأنتقم من كلّ من أذاني ،

وخصوصا زوجي ، والأطفال الذين يعصون أوامر آبائهم!

قال الطائر : هذا جيّد سأحقّق أمنيتك ، فأنا أيضا أكره الأطفال ، فهم لمّا يجيئون للغابة ينبشون أعشاش الطّيور ،

ويكسرون بيضها على الصّخور ويقتلعون الزّهور ويقتلون الفراشات ، لا بد من عقابهم!

ثمّ تمتم بكلمات غير مفهومة ، فظهر للمرأة ريش وجناحان ، لكن بقي لها وجه إنسان.

وأصبحت نعوشة ، ثم طارت بعيدًا ، واختفت في الغابة ، وكلّما تغرب الشّمس ، تغطّي نفسها ،

وتخرج للقرى التي حولها ، تتمشّى في الأزقّة ، وما أن ترى أحد الأطفال حتى تخطفه ، وتحمله لأحد الأركان ،

ثم تمتصّ دماغه من أنفه ، وكان ذلك يجعلها شابّة على الدّوام فلا يأثّر فيها الزّمن ،

ولا يمكن تمييزها عن بقية النّساء ، لكن النّاس تعلّمت أن تحذر من إمرأة تلتحف بسفساري ،

وتدور وحدها أثناء مغرب الشّمس حافية القدمين.

ويحكى أنّ الكثير من النّاس قد شاهدوها وهي تهيم على وجهها ، وكلّ مرّة يجدون طفلا ميتّا.

إقرأ أيضا: قصة الجدة الطيبة التي تعيش مع حفيدها الوحيد واسمه حديدان

وفي البداية لم يعرفوا كيف حدث ذلك ، لكنهم سرعان ما ربطوا بين ظهورها في القرى ، وموت الأطفال.

ولمّا بحثوا عنها ، وجدوا زوجها مقتولا ، وغربال الجارة ملقى أمام الدّار ،

فصاروا يعلّقون على أبواب بيوتهم غربالا لمّا تغرب الشّمس ، ويقال أنّها ربّما تدخل من النّوافذ ، وتخطف الرّضع ،

ولا يعلم أحد أين تقودهم ، لأنّها تحنّ إلى طفلها الذي مات.

وحتى وقت قريب كانت الجدّات يروين لأحفادهنّ قصّة عجوزة المغارب ، التي تخطف من لا يسمع الكلام ،

والكثيرون يعتقدون أنّ قصّة النّعوشة خياليّة ، لكن عليك أن تصدّقها ،

فقد تمرّ بك صدفة ، وأنت لا تعلم من هي ، وهكذا الحال منذ زمن طويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?