حكاية النملة وجارتها البخيلة
حكاية النملة وجارتها البخيلة
في سالف العصر والأوان كانت تعيش قبيلة من النّمل في أصل شجرة كبيرة ، وذات يومٍ ، اشتدّت برودة الطقس كثيرًا ،
وهطل المطر بغزارة ، فهربت أسراب النمل إلى بيوتها خوفًا من المطر والبرد ،
وبقي المطر يتساقط أياما عدة ، ممّا منع النمل من الخروج.
ونفذ الطعام عن نملة فقيرة ، وأحسّت بناتها بجوع شديد وذهبن إلى أمّهن وهنّ يبكين.
ولم تحتمل الأم دموع بناتها ، وقرّرت أن تذهب إلى جارتها البخيلة لتطلب منها شيئا ، وكل النمل يعرف حذقها وتقتيرها.
طرقت الباب وفتحت لها ، وطلبت منها فتات طعامها لبناتها.
ولكن النملة الجارة تعللت بأن مؤونتها التي تحتفظ بها قد نفذت ولم يبق عندها شيء.
لكن ، في الحقيقة كانت الجارة تكذب ، قالت في نفسها إذا تواصل المطر فستنتشر المجاعة في قرية النمل ،
وبفضل ما ادّخرته سأنجو من الهلاك ، هكذا اعتقدت ، وتصرفت بأنانية كبيرة ولم تفكر في غيرها أبدًا.
فعادت النملة الأم من عند الجارة حزينة جدًا وهي تعلم أن جارتها لم ترحمها ، ولم تكن النّملة الأمّ تدري ما تصنع ،
فما كان منها إلا أن رفعت يديها باتجاه السّماء ، وأخذت تدعو الله تعالى بأن يرزقها وينقذ بناتها من الجوع.
ولأنّها دعت ، وبكت بحرارة استجاب الله دعائها ، وتوقف هطول المطر فجأة ، وأشرقت الشّمس من جديد ،
وخرجت النّملة ووجدت في طريقها سنبلة كبيرة حملتها الرّيح ، والقتها أمامها ، وتعاونت مع بناتها لنقلها إلى بيتها ،
فأكلت منها هي وبناتها ، وخزنت الباقي ، وكان مقدارا كبيرا.
لكن فترة الصّحو لم تدم كثيرا وبعد يومين عاود المطر الهطول وبغزارة ، ولم يستطع أحد من النّمل الخروج ،
قالت النّملة البخيلة سأفتح خزائني فما فيها يكفيني لشهر لوحدي ،
لكنها عندما فتحت الدّهليز الذي تضع فيه طعامها اكتشفت أنّه تعفّن ولم يعد يصلح منه شيء.
إقرأ أيضا: حكاية النعوشة والغربال
أصيبت بالدّهشة كيف يحصل هذا لقد أكلت منه قبل يومين وكان جيدا ،
فهمت أن ذلك كان عقوبة من الله على جشعها وبخلها على بنات جارتها ،
وبعد مدة اشتد بها الجوع ، ولم تجد بدّا من الذّهاب إلى جارتها التي سبق أن طردتها ،
وتركتها لمصيرها لكنها كانت خائفة ان لا تعطيها شيئا.
لكن النّملة أم البنات رحّبت بها ، ولم تعاملها بالمثل ، وتذكرت حديث الرسول الذي أوصى بالجار ،
وقالت أنا لن أقابل السيئة بالحسنة ، وبهذا صنعت النملة الكريمة معروفا لا يُنسى ،
وأثنى على كرمها جميع النمل وأوصت النملة بناتها بالكرم ، وأن لا تتصرفن مع الآخرين بأنانية.
كما أن النملة الجارة تعلمت درسًا مهمًا ، وعاهدت على نفسها أن تتوب عن البخل ،هح وتتصدّق بنصف مالها على فقراء النّمل.