حكاية ردينة الجزء الأول
عاش في قديم الزمان شاب وأخته لوحدهما عيشة هناء واستقرار كان الشاب يسعى وراء عمله والفتاة تقوم بأعمال البيت ،
لا ينغص صفوهما ولا يتدخل في شؤونهما أحد.
إلى أن كان ذات يوم عندما أبدى الولد لأخته رغبته في الزواج من إحدى الفتيات ، ففرحت أخته بذلك وحثته على الإسراع في الزواج.
فلم يمانع وتزوج وأدخل زوجته إلى البيت لتشاطرهما العيش والإستقرار فيه ،
وأخته تحيطها بكل عنايتها وتهيئ لها أسباب الرغبة والإستقرار.
إلا أن زوجة الولد ضاق بها الأمر عندما وجدت أخت زوجها تقيم في نفس البيت.
فامتلأت نفسها كراهية لها وأرادت التخلص منها إلا أنه لم يكن أمامها آن ذاك إلا كتمان ما تضمره ريثما يستقر بها المقام ،
وتتمكن من التأثير على زوجها والاستحواذ على عواطفه لتوقع بينه وبين أخته ليسهل التخلص منها.
أخذت تهتم بزوجها وتبدي له حبها وتهتم به وهو يبدي لها حبه وتعلقه بها ،
وعندما وثقت من مكانتها في نفسه راحت تضايق أخته وتتهمها بالكسل والإهمال وعدم مساعدتها كلما عاد من عمله ،
وهو يصغي لها ويلتفت نحو أخته ينهرها ويوبخها وهي صامتة لا تدافع عن نفسها ولا تنفي ما ينسب إليها.
بدأ هذا الموقف يتكرر يوما وراء يوم إلا أن زوجته التي لم تكن لترضى بذلك قالت له :
هذه الفتاة لا تجدي معها الملامة ولا يفيد العتاب الأحسن طردها من البيت.
استنكر ذلك منها وقال يعاتبها : هل جننت لتقولي أطردها من البيت؟
إلى متى أحتمل كسلها وعنادها.
أيقنت زوجته أن لا فائدة من المحاولة بإقناعه بطرد أخته من البيت إذ لا أهل ولا أقارب لها لتعيش معهم ،
لو ألحت على طردها وإن السعي لقتلها أيسر من ذلك.
إقرأ أيضا: هناك متسع من الوقت سيأتي غيرهم
فبدأت في تغيير أسلوب ولهجة حديثها معه ومن معاملتها لأخته فلم تعد تبادره بالشكوى والتذمر من أخته ،
وإنما تحدثه حديثا عاديا عنها وبعدها راحت تخبره أنها تخرج من البيت ما بين حين وآخر وتبدي له قلقها من ذلك.
إلى أن كان ذات يوم همست له قائلة : اليوم عرفت سبب خروج أختك من البيت ،
نظر إليها وهز رأسه مستفسرا عن السبب فأدنت فمها من أذنه وقالت له :
أختك مصاحبة مع إنسان غريب تخرج لملاقاته في غيابك وأخشى أن تحمل منه وتسبب لنا فضيحة.
لم يصدقها زوجها أول الأمر وصرف ذهنه عن قولها ، إلا أنها راحت تعيد عليه قول ذلك يوما وراء يوم وتجسد له الفضيحة ،
حتى بدأ الشك يساوره من سلوك أخته ليتقوى شكه مع تكرار أحاديث زوجته حتى كره أخته وغدا يشيح بوجهه عنها كلما وقع نظره عليها.
وكانت أخته اسمها ردينة في بادئ الأمر تتألم من اصغائه إلى وشايات زوجته وتصديق ما تقوله عنها ،
ومع ذلك بقيت تشاهد ابتسامته وتلمس حنانه فيخفف ذلك من وقع قسوته وتوبيخه على نفسها.
لكنها الآن تجد نفسها محاطة بالكراهية وتعيش في جو معاد لها ولا تعرف له سببا ،
خاصة وقد اختفت ابتسامة أخيها وغدى يتجنب مشاهدتها وإذا صادف ووقع نظره عليها فبصورة مغضبة كلها عداء وكراهية.
فطوت عذاب نفسها بداخلها واستسلمت لقدرها وجسمها بدأ في النحول وشهيتها للأكل بدأت تنقطع.
لما لاحظت زوجة أخيها ما آلت إليه صحتها قالت له : الآن تأكد لي أن أختك حامل.
قال وكيف عرفتِ ذلك؟
نحن النساء نعرف ظواهر الحمل وأعراضه وأختك أخدت تتأفف من الروائح خاصة الأكل ،
ألا تلاحظ أنها لا تأكل إلا ما يسد رمقها؟
إقرأ أيضا: حكاية ردينة الجزء الثاني
وأضافت تطمئنه : لا تخشى من ذلك سأعمل على إجهاضها والتخلص من الجنين وعليك أنت أن تتدبر أمرها.
صمت زوجها والكآبة تملأ نفسه وبقى يعيش في هم وخوف من الفضيحة التي ستجرها عليه أخته ،
إلا أن زوجته راحت تكثر من تهدئته وتوعده بتجنب الفضيحة بإخراج الجنين من بطن أخته قبل أن يكبر أو يشاع خبرها.
وذات يوم عمدت إلى عردان وسلخت جلده ولفت لحمه في قطعة قماش وعندما عاد زوجها من عمله ،
حملت العردان المسلوخ وهو ملفوف بالقماش وقربته منه وقالت له :
هذا ثمرة غرامها والحمد لله تخلصنا منه قبل أن يكبر وإلا لكانت الفضيحة بحجم الكارثة.
تناول قطعة اللحم المغلفة بالقماش من يد زوجته يتأملها وحملها إلى خارج القرية يدفنها ،
وعاد إلى البيت يبحث عن أخته وما أن شاهدها حتى عمد إلى خنقها وهي مستسلمة له.
وعندما لفظت أنفاسها حملها إلى جانب البئر في القرية ودفنها هناك وعاد إلى بيته.
فاستقبلته زوجته بفرح بعد أن تخلصت من أخته ما هي إلا أيام حتى وقعت إحدى العجائب.
يتبع ..