حكاية في آية
حكاية في آية
قبل وفاة الرسول بثلاثة أيام بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت السيدة ميمونة ، فقال “اجمعوا زوجاتي”
فجمعت الزوجات ، فقال النبي : “أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشة؟”
فقلن “نأذن لك يا رسول الله”.
فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس ،
فحملا النبي وخرجوا به من حجرة السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة ،
فرآه الصحابة على هذا الحال لأول مرة
فبدأ الصحابة في السؤال بهلع :
“ماذا أحل برسول الله ماذا أحل برسول الله؟”
فتجمع الناس في المسجد وامتلأ وتزاحم الناس عليه ،
فبدأ العرق يتصبب من النبي بغزارة ، فقالت السيدة عائشة : “لم أر في حياتي أحداً يتصبب عرقاً بهذا الشكل ،
كنت آخذ بيد النبي وأمسح بها وجهه ، لأن يد النبي أكرم وأطيب من يدي ،
فأسمعه يقول “لا اله إلا الله ، إن للموت لسكرات”
فكثر اللغط في المسجد إشفاقاً على الرسول
فقال النبي “ما هذا ؟”
فقالوا : يا رسول الله ، يخافون عليك.
فقال “إحملوني إليهم”.
فأراد أن يقوم فما إستطاع ، فصبوا عليه سبع قرب من الماء حتى يفيق.
فحمل النبي وصعد إلى المنبر ، فكانت آخر خطبة لرسول الله وآخر كلمات له ،
فقال النبي “أيها الناس ، كأنكم تخافون علي”
فقالوا : نعم يا رسول الله.
فقال “أيها الناس ، موعدكم معي ليس الدنيا ، موعدكم معي عند الحوض ، ووالله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا.
أيها الناس، والله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم ،
فتهلككم كما أهلكتهم.
أيها الناس ، الله الله في الصلاة ، الله الله في الصلاة ،
أيها الناس ، اتقوا الله في النساء ، اتقوا الله في النساء ، اوصيكم بالنساء خيرا.
إقرأ أيضا: قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الفتاتين
يا أيها الناس ، إن عبداً خيره الله ما بين الدنيا وما عند الله ، فاختار ما عند الله ،
”فانفجر أبو بكر بالبكاء وعلا نحيبه ، ووقف وقاطع النبي : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ،
وفديناك بأولادنا ، وبأزواجنا ، فديناك بأموالنا.
وظل يرددها فنظر الناس إلى أبي بكر كيف يقاطع النبي ،
فأخذ النبي يدافع عن أبي بكر قائلاً “أيها الناس ، دعوا أبا بكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبا بكر !
لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلى الله عز وجل ، كل الأبواب إلى المسجد تسد إلا باب أبي بكر لا يسد أبداً ،
أواكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله.
أيها الناس ، أقرأوا مني السلام وكل من تبعني من أمتي إلى يوم القيامة””.
وحمل مرة أخرى إلى بيته ، وبينما هو هناك دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك ،
فظل النبي ينظر إلى السواك ولكنه لم يستطع أن يطلبه من شدة مرضه ،
ففهمت السيدة عائشة من نظرة النبي ،
فأخذت السواك من عبد الرحمن ووضعته في فم النبي ،
فلم يستطع أن يستاك به.
فأخذته من النبي وجعلت تلينه بفمها وردته للنبي مرة أخرى حتى يكون طرياً عليه ،
فقالت “كان آخر شيء دخل جوف النبي هو ريقي ، فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت.
ثم دخلت فاطمة بنت النبي ، فلما دخلت بكت ، لأن النبي لم يستطع القيام ، لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت إليه ،
فقال النبي “أدنو مني يا فاطمة”
فحدثها النبي في أذنها ، فبكت أكثر!
فلما بكت قال لها النبي “أدنو مني يا فاطمة”
فحدثها مرة أخر في أذنها ، فضحكت !
بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي؟
إقرأ أيضا: أبو أمامة الباهلي وإسلام قومه
فقالت : قال لي في المرة الأولى “يا فاطمة ، إني ميت الليلة” فبكيت ،
فلما وجدني أبكي قال “يا فاطمة ، أنتي أول أهلي لحاقاً بي” فضحكت.
تقول السيدة عائشة : ثم قال النبي : “أخرجوا من عندي في البيت” وقال “أدنو مني يا عائشة”
فنام النبي على صدر زوجته ، ويرفع يده للسماء ويقول “بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى”
تقول السيدة عائشة : فعرفت أنه بخير!
ودخل سيدنا جبريل على النبي وقال : يا رسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ،
وما استأذن على أحد من قبلك
فقال النبي “ائذن له يا جبريل”
فدخل ملك الموت على النبي وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله.
فقال النبي “بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى”
ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال “أيتها الروح الطيبة روح محمد بن عبد الله ،
أخرجي إلى رضا من الله ورضوان ورب راض غير غضبان”
تقول السيدة عائشة : فسقطت يد النبي وثقلت رأسه على صدري ، فعرفت أنه قد مات!
فلم أدر ما أفعل.
فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي ،
وفتحت بابي الذي يطل على الرجال في المسجد وأقول :
مات رسول الله ، مات رسول الله.
تقول : فانفجر المسجد بالبكاء ، فهذا علي بن أبي طالب أقعد فلم يقدر أن يتحرك!
وهذا عثمان بن عفان كالصبي يؤخذ بيده يمنة ويسرى !
وهذا عمر بن الخطاب يرفع سيفه ويقول من قال أنه قد مات قطعت رأسه.
إنه ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه وسيعود وسأقتل من قال أنه قد مات!
أما أثبت الناس فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
دخل على النبي واحتضنه ، وقال : وآآآ خليلاه ، وآآآ صفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه ، وقبل النبي ،
وقال : طبت حياً وطبت ميتاً يا رسول الله.
ثم خرج يقول “من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”.