![](https://i0.wp.com/tfa9eel.com/wp-content/uploads/2022/10/pexels-ahmet-polat-5226142-scaled.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
حكاية قتيبة وأهل سمرقند
ما نصر الله هذه الأمّة إلا بالعدل
في خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، كان قتيبة بن مسلم الباهلي يفتح الأمصار والأقطار لينشر دين الله في الأرض ،
وفتح الله على يديه مدينة سمرقند بإقليم بلاد ما وراء النهر.
وقد فتحها قتبية دون أن يدعوَ أهلها للإسلام أو الجزية ، ثم يمهلهم ثلاثا كعادة المسلمين ، ثم يبدأ القتال.
فلما علم أهل سمرقند بأن هذا الأمر مخالف للإسلام كتب كهنتها رسالة إلى سلطان المسلمين في ذلك الوقت وهو عمر بن عبد العزيز ، وأرسلوها مع كاهن سمرقندي.
وعندما وصل السمرقندي بالرسالة إلى مقر الخلافة واطلع عليها الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ،
أمر على الفور باستدعاء القائد قتبية بن مسلم إلى مجلس القضاء للتحقيق في تلك الواقعة.
وفي مجلس القضاء نادى الغلام : يا قتيبة (هكذا بلا لقب).
فجاء قتيبة وجلس هو والكاهن السمرقندي أمام القاضي جُمَيْع بن حاضر ، ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي؟
قال : اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعنا إلى الإسلام ، ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا.
التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة؟
قال قتيبة : الحرب خدعة وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ، ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية.
قَال القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟
قال قتيبة : لا ، إنما باغتناهم (فاجأنهم) بسبب ما ذكرتُ لك.
قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المُدَّعَى عليه انتهت المحاكمة.
إقرأ أيضا: حكاية كفى بالله كفيلا
يا قتيبة ، ما نصر الله هذه الأمة إلا باجتناب الغدر ، وإقامة العدل.
ثم قال القاضي : قضينا بإخراج المسلمين من سمرقند من جيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تُترك الدّكاكين والبيوت ،
وأنْ لا يبق في سمرقند أحد ، على أن ينذرهم المسلمون بعد ذلك.
لم يصدق الكاهن السمرقندي ما شاهد وسمع ، وعاد من فوره إلى المدينة ليخبر أهلها بما رأى في بلاد المسلمين ،
وبعد فترة من حكم القضاء سمع أهل سمرقند بأصوات ترتفع ، وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار.
فسألوا ، فقيل لهم : إنّ الحكم قد نُفِّذَ ، وأنّ الجيش الإسلامي قد انسحب.
فلم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجًا وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين ،
وهم يردّدون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله.