قصص منوعة

حورية البحر الجزء الأول

حورية البحر الجزء الأول

كان هنالك ملك حكيم يعيش في أعماق البحر وكان سيد البحار تحبه كل مخلوقات البحر لعدله وطيبة قلبه يدعى معروف ورزق من زوجته بثلاثة حوريات جميلات.

كانت أصغرهم الأميرة سوسنة وهي تحب الغناء كل مساء على الصخور ،

وكانت الأسماك الملونة وخيول البحر والأصداف تجتمع حولها لسماع صوتها الشذي.

في أحد الأيام مرت أمامها مجموعة من السلاحف البحرية وقالت إحداهن :

لقد كان الشاطئ اليوم ممتعا والرمال ذهبية لم نر إنسانا واحدا وهم عادة يقلقون راحتنا وينبشون بيضنا ،

الناس مخلوقات مؤذية لم تكفيهم الأرض وهاهم الآن يجوبون البحر لإيذائنا.

إستمعت لها بانتباه ثم اقتربت وقالت : أريدك أن تحكين لي عن الأرض والمخلوقات التي تسكنها هل هم يشبهوننا.

أجابت السلحفاة : أوصيك أن لا تذهبي وحدك إلى الشاطئ فقد تعلقين في أحد الشباك التي ينصبونها لصيد الأسماك ،

وهم يضعون أيضا جرارا من الفخار إذا دخلها الأخطبوط لن يقدر على الخروج ،

لكن بإمكانك مرافقتنا غدا فنحن سنذهب هناك ونعرف مكانا جيدا بعيدا عن الأخطار وهو مليء بالصخور لهذا لا تقربه مراكبهم.

نامت سوسنة وهي تحلم بالشاطئ لقد سمعت أخبارا كثيرة مثيرة وأيضا محزنة ،

لقد كانت صغيرة ولهذا كانت تخاف من الإقتراب منه.

أما الآن فقد كبرت وعلمتها الأسماك المسنة كثيرا من الحكمة وسمعت كثيرا من الحكايات عن مراكب للصيادين أغرقتها الحيتان الكبيرة ،
أو العواصف.

البحر هو مملكتهم وهم أقوياء طالما ظلوا فيه ،

لكنها تحب المغامرة وهي تختلف عن أختيها اللتان تفضلان الإلتزام بالتقاليد.

إقرأ أيضا: أراد أحد الشباب أن يتزوج إبنة المزارع

عندما جاءت السّلاحف وجدن سوسنة بانتظارهن وقالت أنا متشوقة للإستلقاء على الرمال ،

والتمتع بالشمس الدافئة.

قلن لها إتبعينا ، وصلوا إلى شاطئ جميل كانت هناك أشجار جوز الهند والموز ،

سألتهن عنها فهي لا تعرفها ، قلن لها الناس يكسرون قشر جوز الهند ويأكلونه وبداخله ماء حلو المذاق.

1 3 4 10 1 3 4 10

قالت سوسنة سأفتح واحدة ونتذوقها.

أخذت حجرا وضربت به الجوزة فخرج منها ماءا شربت منه وقالت ما أعذبه ، خذوا منه إنه رائع.

شربت السلاحف حتى إرتوين وأكل الجميع من الثمرة كانت طازجة ولذيذة الطعم ،

وأخذت موزة وقشرتها أكلت منها وأعطت للسلاحف.

ثم جلست وبدأت تغني وطربت السّلاحف وغنت معها ،

وعندما إنتهت قالت لهن هل سبق لكن أن ابتعدتن عن الشاطئ قلن لها :

لا فعيشنا قرب الماء لكن هناك جنس منا يعيش على الأرض وكل جنس بحري له ما يقابله على البر.

لكن أسوئها جميعا هو الإنسان لأن من شيمته الشر.

قالت للسّلاحف : لن أغادر قبل أن أرى أحد هؤلاء ، لا أقدر أن أقاوم فضولي ، إنتظرن هنا.

نصحنها أن لا تفعل ، لكنّها أصرت على ذلك وزحفت على بطنها ناحية الغابة المقابلة للشاطئ ،

وفجأة ظهرت من الغابة جارية صغيرة عندما رأتها أخذت تحملق فيها ثم إقتربت منها
وسألتها : لماذا لا أرى ساقيك؟

أجابتها : الله أراد أن يكون لي ذيل.

قالت الجارية : ما رأيك لو لعبنا معا فليس لي إخوة.

أجابتها المرة القادمة وسأحضر لك هدية وأضعها لك فوق تلك الصخرة ، الآن علي أن أذهب أنا إسمي سوسنة.

ردّت الجارية: وأنا عائشة.

إقرأ أيضا: أحد المغتربين طلب من صديقه في بلده أن يبحث له عن قطعة أرض

عندما رجعت سوسنة أنبتها السلاحف على إستخفافها بالمخاطر لكن ردت عليهم :

أنتن تبالغن : لقد لاقيت جارية لها نفس عمري وتحدثنا قليلا وسأرجع لرؤيتها فقد وعدتها بهدية.

قلن لها لقد كنت محظوظة لو قبضوا عليك لوضعوك في قفص كالقرود ويجيء الناس للتفرج عليك.

إسمعي نصيحتنا يا سوسنة إياك والإبتعاد عن الشاطئ وإلا كان في ذلك هلاكك.

لكن الحورية لم تعدهم بشيء ، وقالت في نفسها : يالكن من جبناء لقد إستمتعت جدا اليوم ،

فلقد مللت من حياة البحر ليس لي ما أفعله إلا السباحة والجلوس على الصخور لأغني للأمواج.

إذا خفنا فلن نتعلم شيئا والثروة والمعرفة والحظ ينالها الشجعان وليس من يخفي رأسه في الجحور.

كانت عائشة أمام كوخها تقشر السمك الذي إصطاده أبوها في الفجر ،

وإذا بها تسمع غناءا جميلا وسمعه كل أهل القرية.

كانت الرياح تحمل لهم الصوت بوضوح
قالت عائشة في نفسها :

هذه سوسنة حورية البحر قد جاءت للقائي عندما إقتربت من الشاطئ رأت صدفة جميلة على صخرة أخذتها وزاد حبها للحورية ،

لقد وعدتها بهدية وصدقت في وعدها لما رأتها سلمت عليها وقبلتها وقالت :

تعالي معي إلى القرية سأشوي سمكا وستأكلين معي.

لم وصلت أمام الكوخ تعجب منها الصيادون فالحوريات كلما يقتربن من الشاطئ ويفضلن الجلوس على الصخور.

قالوا لها : سنحفر حوضا ونملئه بماء البحر لكي لا يجف جسمك وأنت ضيفتنا فعائشة إبنة سيد القرية ، وهو شيخ ذو مروءة وعقل.

إقرأ أيضا: حورية البحر الجزء الثاني

أحضرت البنات دفا ونايا وقلن لها هيا واصلي الغناء ونحن سنعزف لك ،

جلست وسط حوضها الذي ملؤوه لها ماءا وأكملت الغناء :

طرب أهل القرية وأصبحوا يعملون بجد قشرت النساء كل السمك وأصلح الرجال كل الشباك وسدوا كل شقوق وثقوب المراكب ،

وعندما رجع الشيخ عبد الله أبو عائشة وسيد القبيلة رأى البهجة ظاهرة على القوم ،

وعندما سأل عن ما حصل قيل له إن أحد بنات البحر جاءت إلى القرية وغنت لهم أعذب الأغاني ، ولقد إنصرفت الآن.

لما وصل الشيخ إلى كوخه رحبت به إبنته وقدمت له الطعام قال لها :

هل صحيح ما يروى أن لك صديقة من بنات الماء؟ هذا لم يحدث منذ زمن بعيد لسوء أخلاق الناس.

أجابته عائشة وفي عينيها دمعة كبيرة منذ موت أمي لم أحس يوما بطعم السعادة ،

واليوم إبتهجت جداّ فالحورية لطيفة وتعاملني كأختها وقد أحظرت لي هدية ، وأرته الصدفة.

لما فتحها إنعقد حاجباه من الدهشة فلم ير لؤلؤة بهذا الحجم والجمال قال لها :

سأبيعها وأوزع ثمنها على القبيلة فأكثرهم فقراء وهم يصطادون فقط ما يكفيهم.

لما ذهب إلى كبير الصاغة في المدينة قال له : هذه اللؤلؤة نادرة واسمها الجوهرة البيضاء ،

ولا توجد إلا في مملكة البحر وفي حياتي كلها شاهدت واحدة رمت بها الأمواج على الشاطئ بعد عاصفة قوية.

السلطان وحده من يقدر على دفع ثمنها وهي تساوي مبلغا ضخما من المال.

بكى الشيخ عبد الله وقال أشكرك يا رب على نعمتك مضى علي دهر لم أر إبنتي سعيدة كاليوم ،

سنصلح من شأن القبيلة بهذا المال وسنشتري طعاما ولباسا.

غدا صباحا ذهب إلى قصر السلطان وطلب مقابلته ، أذن له الحاجب بالدخول وسلم الشيخ على السلطان أيوب وقال له :

لقد حملت إلى سيدي درة نفيسة لا تليق إلا بالملوك وإن شاء إشتراها.

أجاب السلطان : أريني إياها.

عندما أخرجها الشيخ إنبعث منها نور يخطف الأبصار علت وجه أيوب الدهشة وقال بفرح :

إنها الجوهرة البيضاء ولا أملك مثلها في خزائني ، سأشتريها منك.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?