قصص منوعة

حورية البحر الجزء الثالث

حورية البحر الجزء الثالث

ألقى رجال ميمون سلاحهم ونزلوا من السفينة ومعهم عائشة ورفيقتها ، إقترب منهما الأمير قيس وهنأهما على خلاصهما ،

نظرت إليه سوسنة بعينيها الجميلتين وشكرته على معروفه.

ثم وثبت في البحر وضحكت له وبعد ذلك غطست وأحس الأمير كأن قلبه قد فارقه فلقد كانت فاتنة بشعرها الذهبي.

لم يكن الأمير قيس مرحا كعادته وبدا عليه الشرود ، سأله مروان : ما بك يا رجل حالك لا يعجب أحدا اليوم كأن ذهنك مشغول بشيء هيا قل لي ما الأمر؟

أشار الأمير إلى البحر وقال : لقد ذهبت تلك الحورية وحملت معها قلبي.

أجاب مروان : هل هذا كل شيء؟

لا تقلق سأذهب اليوم إلى صديقتها عائشة وهي ستعرف كيف ستحضرها لك.

فرح الأمير وانبسطت نفسه وقال : إذا كان الأمر كذلك فسأسبح وحاول أن تلحق بي.

لما تعبا من السباحة ركبا زورقا ورميا الشبكة وعندما سحباها كانت مليئة بالأسماك ،

وفي قاعها شاهد مروان قلادة في طرفها قوقعة مستديرة إلتقطها وقال لقيس : لقد أرسلت لك سوسنة هدية.

صاح الأمير بلهفة أرني إياها أخذها وتأملها كان عليها نقوش مخلوقات بحرية ملونة ،

وتفوح منها رائحة جميلة قبّل القوقعة ثمّ وضعها حول رقبته وقال : أين أنت يا ترى كم أشتاق إليك وأتمنى رؤيتك.

بعد الظهر ذهب مروان إلى قرية الصيادين وطلب رؤية الجارية عائشة ،

بعد قليل أطلت من كوخها ودعته للدخول أحضرت له تمرا ولبنا فأكل وشرب وشكرها على ضيافتها.

ثم أخبرها بحكاية الأمير مع صديقتها سوسنة إبتسمت عائشة وأجابته عندما أراها سأخبرها ،

فهو فتى ذو شجاعة ومروءة ولن أبخل عليه بشيء.

إقرأ أيضا: من قبل أن أعرف من سيكون زوجي كرهته

ثمّ ترددت قليلا وقالت : أريد أن تكمل معروفك وتبحث عن أبي فلم أراه منذ أيام ،

ولا أستبعد أن يكون الوزير ميمون وراء إختفائه.

أجاب مروان : أعدك أن أبذل كل ما بوسعي للعثور عليه وإنقاذه ، ثم ودعها وانصرف لكن بقي يفكر فيها طوال الطريق ،

1 3 4 10 1 3 4 10

فلقد كانت جميلة وتلوح عليها علامات الحزم والشجاعة.

عندما وصل إلى القصر نزل من حينه إلى السرداب الذي يسجن فيه السلطان اللصوص والخصوم فهاله كثرة المساجين ،

وكلما كان يسأل الحراس عن واحد منهم يجيبون أنه سجن بأمر الوزير وكان بعضهم مريضا ،

والبعض يحتضر فخشي كثيرا على صحة الشيخ عبد الله وأمر الجميع بالبحث عنه وسط هذه الجموع الغفيرة.

وفي النهاية قال لهم أحد المساجين وكان من قومه : أنا أدلكم عليه مقابل إطلاق سراحي.

قال له مروان : لك هذا.

أجاب الرجل : إنه في آخر السرداب وهذا المكان مظلم لا يدخله النور ،

عليك بالإسراع لإخراج الشيخ أرجو من الله أن لا يكون الوقت قد فات.

جرى مروان إلى تلك الناحية وسد أنفه من شدة العفونة ،

كانت هناك زنزانات ضيقة نظر من وراء القضبان فرأى في أحدها الشيخ عبد الله ملقى على الأرض دون حراك ،

فأخرجه وسقاه بعض الماء ورمى عليه عباءته وحمله إلى خارج السرداب.

وأمر الجواري بإعداد حمام دافئ له وإستدعاء طبيب ، وبعد ساعتين مر عليه ليطمئن عليه فوجده نائما وقد عادت له بعض نضارته.

قال الطبيب : إنه سيعيش لكن لن يرجع كما كان فالهواء العفن أفسد رئتيه وسيتعب بسرعة ،

لذلك أنصح له بالراحة والإسترخاء.

إقرأ أيضا: الحب الخطأ

قابل الأمير قيس أباه السلطان وحكى له ما جرى مع الوزير ميمون وعن السجون المليئة بالمرضى والموتى ،

فانزعج وأمر بإفراغ السرداب من المساجين وعلاجهم ، وطلب من حرسه مطاردة كل من له علاقة بميمون.

وعندما ذهب إلى جناح الوزير وجده خاليا والأمتعة مبعثرة ومن الواضح أن جواسيسه أعلموا أهله ونسائه فهربوا بسرعة.

كانت خزائنه مليئة المال والتحف والثياب
وقف السلطان أيوب ونظر بدهشة إلى ما يملكه ذلك الرجل وقال :

كيف لم أعلم بكل هذا لقد نهب التّجار ورماهم في السجون وحرص أن لا يشتكون إلي ،

فمنذ مدة طويلة لم يطرق أحد من الرعية بابي ولم أجلس للنظر في المظالم الويل له إن وقع في قبضتي.

بعد يومين جاءت الأخبار أن الوزير تحصن في قلعة الجبل وجمع فيها أنصاره وعائلته ،

وأن الجزء الأكبر من ماله وذخائره مخفية هناك فأرسل جيشا لإقتحام القلعة ،

لكنّه فشل أمام قوة أسوارها وأمر بحصارها حتى يجوع من فيها ،

لكن الناس أخبروه أن هناك عشرات المخارج والمداخل السرية في قلب الجبل التي يدخلون منها الطعام والماء.

إحتار السلطان ولم يعرف ماذا يفعل ولام نفسه على إهماله لمملكته والإنغماس في الملذات وصحبة الجواري ،

وقال في نفسه : إن لم أقض على هذا التمرد فسيعظم أمر ميمون وقومه ،

فلهم ما يكفي من المال والسلاح والأصدقاء بين الممالك المجاورة.

بقيت سوسنة عدة أيام لا تجرأ على الإقتراب من الشاطئ وتمضي وقتها في السباحة والغناء ،

وكانت تحبّ أن تبقى وحدها فقلبها مشغول بالأمير لاحظت نظراته وراق لها ذلك فهي صغيرة ولم تعرف الحب إلى الآن.

لقد قاتل ذلك الفتى من أجلها وأنقذها من الوزير ميمون وأحست بلهفته عليها.

إقرأ أيضا: حورية البحر الجزء الرابع

حاولت أن تنسى ما حصل لكن لم تقدر كانت أغانيها حزينة لدرجة أن السّلاحف قلن لها :

لقد أصابنا النكد ولا نجد البهجة ولا الضحكة على شفتيك لست كالعادة ما بك؟

أجابت : لا شيء فقط أشعر بالوحدة.

همست واحدة من السلاحف لرفيقاتها : أعرف تلك النظرات الحائرة سوسنة عاشقة وأخشى أن يكون حبيبها من سكان الجزيرة ،

فنحن ليس مثلهم إذا صح ذلك فهي في ورطة.

بينما كانت جالسة على صخرة وسط البحر شاهدت أسطولا من السفن فقالت في نفسها ماذا تفعل كل هذه المراكب هنا ،

من المؤكد أنها لم تأت إلى الصيد سأقترب وأسمع ما يقولون.

كان هناك رجلان يتحدثان قال الأول : ستكون مفاجئة للسلطان فجيشه يحاصر القلعة ولا يعلم بقدومنا ،

وغدا صباحا ينزل الضباب ويتسلل رجالنا إلى الشاطئ دون أن يراهم أحد لقد أحسن ملك الزنج التدبير.

إنزعجت الحورية لما سمعت هذا الكلام وقالت : إنهم يريدون غزو الجزيرة يجب أن أعلم للأمير قيس بما يدبر القوم ،

لكن إلتفت الرجل ورآها فصاح ماذا تفعلين هنا؟

قال الآخر : إنها تسترق السمع أقتلوها لا تدعوها تفلت.

أطلقوا عليها سهامهم وأصاب أحدها ظهرها لكنها تحاملت على نفسها وسبحت بقوة وكانت تسمع ورائها صوت المجاذيف ،

لما وصلت إلى الشاطئ كانت مجهدة ونزف منها كثير من الدم حاولت الزحف بما تبقى لها من قوة ،

لكنها لم تقدر وأحست بأن جفونها ثقيلة ، لكن سمعت أشخاصا من بعيد لقد كانوا من الصيادين لمحوها وجروا نحوها ،

وصاح أحدهم إنها جريحة وإن لم نضمّد جرحها ستموت!

أخرجوا السهم وقالوا الجرح عميق سنصنع لها مرهما من لحاء الصنوبر ونحفر لها حفرة نملئها بماء البحر ،

تبقى فيها حتى تبرأ لكنها قالت بصوت ضعيف : أريد رؤية الأمير قيس فالأمر لا يحتمل التأخير ثم أغمي عليها.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?