خرج النبي محمد ذات يوم ليلعب مع أخيه من الرضاعة
خرج النبي محمد ذات يوم ليلعب مع أخيه من الرضاعة ابن حليمة السعدية ، وفي أثناء لعبهما ظهر رجلان فجأة ، واتجها نحو محمد صل الله عليه وسلم فأمسكاه ،
وأضجعاه على الأرض ثم شقَّا صدره ، وكان أخوه من الرضاعة يشاهد عن قرب ما يحدث له ، فأسرع نحو أمه وهو يصرخ.
القصة من البداية
في يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول ولدت السيدة آمنة بنت وهب زوجة عبد الله بن عبد المطلب غلامًا جميلا ،
مشرق الوجه ، وخرجت ثويبة الأسلمية خادمة أبي لهب عم النبي صل الله عليه وسلم تهرول إلى سيدها أبي لهب ،
ووجهها ينطق بالسعادة ، وما كادت تصل إليه حتى همست له بالبشرى ، فتهلل وجهه ، وقال لها من فرط سروره :
اذهبي فأنت حرة! وأسرع عبد المطلب إلى بيت ابنه عبد الله ثم خرج حاملا الوليد الجديد ،
ودخل به الكعبة مسرورًا كأنه يحمل على يديه كلَّ نعيم الدنيا ، وأخذ يضمه إلى صدره ويقبله في حنان بالغ ،
ويشكر الله ويدعوه ، وألهمه الله أن يطلق على حفيده اسم محمد.
إقرأ أيضا: أيُّها النَّاسُ لا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ
حكاية مرضعة الرسول صل الله عليه وسلم
جاءت المرضعات من قبيلة بني سعد إلى مكة ؛ ليأخذن الأطفال الرُّضَّع إلى البادية حتى ينشئوا هناك أقوياء فصحاء ،
قادرين على مواجهة أعباء الحياة ، وكانت كل مرضعة تبحث عن رضيع من أسرة غنية ووالده حي ؛
ليعطيها مالاً كثيرًا ، لذلك رفضت كل المرضعات أن يأخذن محمدًا صل الله عليه وسلم لأنه يتيم ،
وأخذته السيدة حليمة السعدية لأنها لم تجد رضيعًا غيره ، وعاش محمد صل الله عليه وسلم في قبيلة بني سعد ،
فكان خيرًا وبركة على حليمة وأهلها ، حيث اخضرَّت أرضهم بعد الجدب والجفاف ، وجرى اللبن في ضروع الإبل.
حكاية شق الصدر
وفي بادية بني سعد وقعت حادثة غريبة ، فقد خرج محمد صل الله عليه وسلم ذات يوم ليلعب مع أخيه من الرضاعة ابن حليمة السعدية ،
وفي أثناء لعبهما ظهر رجلان فجأة ، واتجها نحو محمد صل الله عليه وسلم فأمسكاه ، وأضجعاه على الأرض ثم شقَّا صدره ،
وكان أخوه من الرضاعة يشاهد عن قرب ما يحدث له ، فأسرع نحو أمه وهو يصرخ ، ويحكى لها ما حدث.
فأسرعت حليمة السعدية وهي مذعورة إلى حيث يوجد الغلام القرشي فهو أمانة عندها ،
وتخشى عليه أن يصاب بسوء ، لكنها على عكس ما تصورت ، وجدته واقفًا وحده ، قد تأثر بما حدث ،
فاصفر لونه ، فضمته في حنان إلى صدرها ، وعادت به إلى البيت.
فسألته حليمة : ماذا حدث لك يا محمد؟ فأخذ يقص عليها ما حدث ، لقد كان هذان الرجلان ملكين من السماء أرسلهما الله تعالى ؛
ليطهرا قلبه ويغسلاه ، حتى يتهيأ للرسالة العظيمة التي سيكلفه الله بها.
خافت حليمة على محمد ، فحملته إلى أمه في مكة ، وأخبرتها بما حدث لابنها ،
فقالت لها السيدة آمنة في ثقة : أتخوفتِ عليه الشيطان؟
إقرأ أيضا: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا
فأجابتها حليمة : نعم ، فقالت السيدة آمنة : كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل ، وإن لابني لشأنًا ؛
لقد رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور ، أضاء لي به قصور الشام ، وكان حَمْلُه يسيرًا ،
فرجعت به حليمة إلى قومها بعد أن زال الخوف من قلبها ، وظل عندها حتى بلغ عمره خمس سنوات ، ثم عاد إلى أمه في مكة.
رحلة محمد صل الله عليه وسلم مع أمه إلى يثرب
وذات يوم ، خرجت السيدة آمنة ومعها طفلها محمد وخادمتها أم أيمن من مكة متوجهة إلى يثرب ؛ لزيارة قبر زوجها عبد الله ، وفاء له ،
وليعرف ولدها قبر أبيه ، ويزور أخوال جده من بني النجار ، وكان الجو شديد الحر ،
وتحملت أعباء هذه الرحلة الطويلة الشاقة ، وظلت السيدة آمنة شهرًا في المدينة ،
وأثناء عودتها مرضت وماتت وهي في الطريق ، في مكان يسمى الأبواء ، فدفنت فيه ،
وعادت أم أيمن إلى مكة بالطفل محمد يتيمًا وحيدًا ، فعاش مع جده عبد المطلب ، وكان عمر محمد آنذاك ست سنوات.
محمد صل الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب
بعد وفاة السيدة آمنة عاش محمد صل الله عليه وسلم في ظل كفالة جده عبد المطلب الذي امتلأ قلبه بحب محمد ،
فكان يؤثر أن يصحبه في مجالسه العامة ، ويجلسه على فراشه بجوار الكعبة ،
ولكن عبد المطلب فارق الحياة ومحمد في الثامنة من عمره.
محمد صل الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب
وتكفَّل به بعد وفاة جده عمه أبو طالب ، فقام بتربيته ورعايته هو وزوجته فاطمة بنت أسد ، وأخذه مع أبنائه ،
رغم أنه لم يكن أكثر أعمام النبي صل الله عليه وسلم مالا ، لكنه كان أكثرهم نبلا وشرفًا ،
فزاد عطفه على محمد صل الله عليه وسلم حتى إنه كان لا يجلس في مجلس إلا وهو معه ، ويناديه بابنه من شدة حبه له.
إقرأ أيضا: مر النبي صل الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر
رحلته عليه الصلاة والسلام إلى الشام
خرج محمد صل الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب في رحلة إلى الشام مع القوافل التجارية وعمره اثنا عشر عامًا ،
وتحركت القافلة ، ومضت في طريقها ؛ حتى وصلت إلى بلدة اسمها (بصرى) ،
وأثناء سيرها مرت بكوخ يسكنه راهب اسمه (بُحَيْرَى) فلما رأى القافلة خرج إليها ،
ودقق النظر في وجه محمد صل الله عليه وسلم طويلا ، ثم قال لأبي طالب : ما قرابة هذا الغلام منك؟
فقال أبوطالب : هو ابني وكان يدعوه بابنه حبًّا له.
قال بحيرى : ما هو بابنك ، وما ينبغي أن يكون هذا الغلام أبوه حيًّا.
قَال أبو طالب : هو ابن أخي ، فسأله بحيرى : فما فعل أبوه؟ قال أبو طالب : مات وأمه حبلى به؟
فقال له بحيرى : صدقت! فارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود!
فوالله لئن رأوه هنا ليوقعون به شرًّا ، فإنه سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم.
فأسرع أبو طالب بالعودة إلى مكة وفي صحبته ابن أخيه محمد.