![](https://i0.wp.com/tfa9eel.com/wp-content/uploads/2022/10/pexels-cottonbro-4098230-scaled.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
ذكاء المرأة وغباء القاضي
يحكى بأن ملكا كان يتجول في المدينة متنكرا فعطش ، فطرق باب أحد البيوت المنفردة الواقعة في أقصى المدينة.
ففتحت الباب إمرأة جميلة ولم يكن زوجها موجودا ، فأتت له بماء بارد فأروى عطشه.
فشغف الملك بجمال المرأة وخامر حبها قلبه ، فأخبرها بأنه الملك ، فعرفت مراده!
فدخلت مسرعة ثم أعطته كتابا يقرأه حتى تتهيأ له.
فبدأ الملك يتصفحه فإذا هو عن الفاحشة وعن حد الزنا وما أعده الله من عقوبة للزاني ،
فلما قرأه الملك أصابته قشعريره في جسده وامتلأ قلبه بالهلع والخوف.
فألقى الكتاب م̷ن يده وانصرف مسرعا.
فأتى زوجها واستغرب م̷ن وجود الكتاب مرميا عند الباب ، فسأل زوجته فقصت عليه قصة الملك.
فخاف الزوج وطاش عقله وعلم أن الملك سيقتله غيلة ليتزوجها ، أو سيعاود فعله ،
فسكت ولم يبد كلاما ، ثم مضى إلى السوق واشترى ما يليق بالنساء ،
وهيأ هدية حسنة وأتى إلى زوجته فسلم عليها ، وقال لها :
قومي إلى زيارة بيت أبيك. قالت : وما ذاك؟
فقال : إن الله أنعم علينا اليوم برزق ، وأريد أن تظهري لأهلك ذلك.
قالت : حبا وكرامة.
ثم قامت من ساعتها وتوجهت إلى بيت أبيها ، ففرحوا بها وبما جاءت به معها ، فأقامت عند أهلها شهرا ،
فلم يذكرها زوجها ولا ألم بها ، فأتى إليه أخوها وقال له :
إما أن تخبرنا بسبب غضبك وإما أن تحاكمنا إلى القضاء.
فقال : إن شئتم الحكم فافعلوا فما تركت لها علي حقا.
فطلبوه إلى الحكم فأتى معهم وصادف الأمر إذ ذاك إن كان الملك في دار القضاء جالساً إلى جانب القاضي ،
فأرادوا أن لا يعرف الملك القضية.
إقرأ أيضا: قصة حصلت لطفلة صغيرة تقية صالحة
فقال أخو الصبية : أيد الله مولانا القاضي ، إني أجرت هذا الغلام بستانا سالم الحيطان ببئر ماء معين عامرة وأشجار مثمرة ،
فأكل ثمره وهدم حيطانه وأخرب بئره.
فالتفت القاضي إلى الزوج وقال له : ما تقول يا غلام؟
فقال الزوج : أيها القاضي قد تسلمت هذا البستان وسلمته إليه أحسن مما كان.
فقال القاضي : هل سلم إليك البستان كما كان؟ قال : نعم ولكن أريد منه السبب لرده.
قال القاضي : ما قولك؟
قَال : والله يا مولاي ما رددت البستان كراهة فيه وإنما جئت يوماً من الأيام فوجدت فيه أثر الأسد فخفت أن يغتالني ،
فحرمت دخول البستان إكراما للأسد.
وكان الملك متكئا ، فاستوى جالسا فقال : مخاطبا الزوج ، إرجع إلى بستانك آمناً مطمئنا ،
فوالله إن الأسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثراً ولا إلتمس منه ورقا ولا ثمرا ولا شيئا ،
ولم يلبث فيه غير لحظة يسيرة ، وخرج من غير بأس ،
ووالله ما رأيت مثل بستانك ولا أشد إحترازا من حيطانه على شجره.
قال : فرجع الزوج إلى داره ورد زوجته ، ولم يعلم القاضي ولا غيره بشيء من ذلك!
تعقيب : الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة.