مقالات منوعة

ربما لست فتاة رائعة لكنني لن أتزوج إلا رجلا رائعا

ربما لست فتاة رائعة لكنني لن أتزوج إلا رجلا رائعا كالذي رسمته تماما في خيالي!

كان هذا هو الرد الآلي والمعتاد الذي أضطر لسرده دائما كلما تحدث أحد في موضوع زواجي المعقد على حد قولهم.

أريده حنونا كأبي لأنني لا أطيق العيش دون حنان ، وشهما نبيلا كأخي لأنني لا يمكن أن أعلق مصيري بمصير رجل غير نبيل.

أريده قارئا يقرأ لي كل ليلة ، ولماحا يتفهم إعجابي بكاتب معين فيفاجئني بكتبه كلما ظَنَّ أنني بحاجة للمفاجأة.

وأريده متفقها في دينه يحفظ القرآن كله عن ظهر قلب ،

ولا ينقطع أبدا عن دروس المسجد لأنني بحاجة لرجل قلبه معلق بالمساجد.

أريده طويلا لأشعر بأنه يَفُقنِي في كل شيء ، وأسمرا لأن السمار في عرفنا نصف الجمال ،

وذكيًا لأنني لا يمكن أن أحادث أحدا غير ذكي ، أحبه رجلا هادئا ثقيلا يستقل بحياته لأنني أخشى تدخلات الأهل.

ومحافظا على مساحتي الشخصية فلا أحس بأنه يتملكني ، ومعتدا بنفسه حتى في لحظات خلافنا ، حزنه عزيز وغضبه أعز!

يجيد الحديث بالإنجليزية لأنني غالبا أحب الحديث بها.

ميسور ماديا حتى لا نعاني معا إجهاد المادة.

يمتلك سيارة لأنني مصابة بفوبيا الشارع والمواصلات العامة.

وصفات كثيرة أخرى ربما سردتها على من أحب وربما أحجمت عن ذكرها حتى لا أُتَهَم بالتطلب!

أذكر جيدا إبتسامة معلمة القرآن كلما شرحت لها الأمر ، ونظراتها الحنونة كلما أخبرتني دون أن تمل.

بأن الزواج لا يبنى على الأحلام والشروط ، وإنما قوامه الراحة والسكينة تجاه الطرف الخلوق الآخر دون أي إشتراطات أخرى.

فانتبهي قبل أن ينفلت منك زمام العمر ، فلم أقتنع لكلامها -على خلاف العادة- وإن كنت أقتنع به دائمًا.

اليوم أكتب هذا المقال وإلى جانبي”حسام”، رجل لا يحفظ القرآن كله لكنني أقسم بأن أخلاقه كلها قرآن ،

وطحنتهُ عجلة الحياة فيَتغيِّب دائمًا عن دروس المسجد لكن في قلبه مسجدا!

رجل يحب القراءة لكن مئات المسؤليات على عاتقه حجبته عنها فلم يقرأ لي سوى ليال معدودة منذ زواجنا ،

أحسبها لشدة فرحتي بها تحولت إلى ليلة عيد.

1 3 4 10 1 3 4 10

إقرأ أيضا: كان هناك رجل صالح له جار يهودي

رجل لا يفقني طولا ، أبيضًا ليس للسمار موضعا فيه ، ذكيًا لكنه يعاملني ببساطة ويسر دون حيلة وذكاء ،

فلا يرهقني بحيلته ولا يفتك ذكاؤه بي.

يتدخل في كل تفاصيل حياتي وياللدهشة إنني أغضب منه إذا أسقط سهوا تفصيلةً منها!

لا يفاجئني بالكتب كل يوم لكنه دائما ما يفاجئني بكلمات طيبة كلما شعر أنني بحاجة لذلك ،

وبحديث عذب كلما شعرت بقسوة ومرارة الحياة حولي.

تزورنا والدته من آن لآخر فيسعد “حسام” بها فأسعد لهما ، ثم أستحلفها صادقة ألا تتركنا وترحل!

حسام لا يتحدث الإنجليزية إلا في الضرورة القصوى ، فتعلمتُ منه كيف أحبُ هويتي العربية ،

غير ميسور ماديا بالقدر الذي كنتُ أحلم مسبقا به ، لكن ما ضرني عسر المادة وكل اليسرِ في أرواحنا.

لا يمتلك سيارة فارهة لكنه بالمقابل لم يضطرني للخروج إلى الشارع أبدا ،

إلا وكان في صحبتي ، حتى حاجيات السوق يجلبها لي بنفسه!

أذكر أنه في خلاف ما قرر أن ينتصر لنفسه ، فآذاني فعله كما لم يؤذني شيئا ورحت أكتب في كل أركان الشقة ،

“لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون”..

وظللت أرددها بمناسبة أو بدون مناسبة كلما حدثتني أمي أو كلما هاتفتني صديقتي ،

وكلما كتبتُ على حائطي شيئًا أو كلما سألني أحد عن الغاية من الزواج.

سبحان الله من يصدق أنني ذات يوم قلتُ لن أتزوج إلا رجلا معتدًا بنفسه ، حزنه عزيز وغضبه أعز!

الآن أتذكرُ يوم أن أقسمت علي المعلمة بأن أمنح نفسي الفرصة تجاه شخص ما ،

ربما لا يحمل صفة واحدة من صفات زوج الأحلام الذي يعيش في خيالي وحدي ،

فرفضتُ طلبها في البداية رفضا تاما ، لكنني بعد ذلك رضختُ لرغبتها إكرامًا لها.

وها أنا في النهاية أنتمي لذات الرجل ، “حسام” ، الرجل الذي ألقى بشروطي عرض الحائط فأليقت بها راضيةً خلفه.

إقرأ أيضا: قوة التحكم بالعقل الباطن

لقد علمتني معلمتي درسا مفاده أن الأولويات تتغير ما دام المبدأ ثابتا ،

وأن شروط الزواج المجحفة التي نلهث وراءها سخافة يجب التخلص منها فورا ما دام الطرف الآخر يستحق إزهاق الشروط لأجله.

لقد علمتني معلمتي درسا مفاده أن الله لو شاء لخلق الرجال كلهم أئمة على منابر ،

لكن الله رحيم ونبينا كريم اشترط فقط ، دينه وخلقه.

أذكر الآن نفس الكلمة التي قالتها المعلمة لي مرارا لأنها تحبني حبا خالصا ،

وها أنا أذكرها ثانية لكم لأنني أنا الأخرى أحبكم حُبًا خالصًا.

الزواج لا يبنى على الأحلام والشروط وإنما قوامه الراحة والسكينة تجاه الطرف الخلوق الآخر دون أي إشتراطات أخرى ،

فانتبهوا قبل أن ينفلت من بين أيديكم زمام العمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?