الحب في الحياة

رسائل حب و حرب

رسائل حب و حرب

تمر اليوم سبعة وثمانون ألف وست مائة دقيقة وخمس ثوان على آخر مرة لمحتك فيها ،

على ما يبدو يا عزيزي أننا حين اتفقنا مسبقا على تجاوز كل الظروف معا كانت الحرب تضحك في الزاوية لتتوعدنا بهذا الفراق غير المحتسب.

أكره الحرب يا علي ، وأكره البنادق والدماء ورائحة أنفاس الغرباء الكريهة التي تخنق الوطن.

تصلنا أخبار كثيرة عن آلاف القتلى وتأبى أنانيتي إلا أن أدعو الله ألا تكون منهم ، ففي مضمار الحرب كل ينتصر لمحبوبه.

لم أعد أطالع الجرائد ولا الراديو ولا التلفزة ولا ثرثرة الجيران ولا همس الغرباء،

حصنت قلبي عن أي خبر قد يفجعه فيك وجلست هنا معزولة عن العالم إلا عنك.

الجميع هنا بخير، أنا وقلبي واشتياقي وزائرتنا وستائر البيت التي تتذرع بنسمات الرياح كي تتلصص على ظلك من النافذة

فتعود القهقرى كخيبة روحي كلما دق جرس الباب وما وجدتك.

أخذتني الثرثرة كعادتي دون أن أمهد لخبري السيء الذي راسلتك لأجله.

أكاد أرى وجهك شاحبا وخائفا لا تقلق الأمر ليس سيئا جدا كل ما فيه أنني قررت مقاسمة أحدهم ياء الملكية خاصتك، ولحظات انتضاري لك،

ولهفتي لحضورك، فطبيبتي أخبرتني أن كائنة مزعجة ستزورنا بعد بضع أشهر.

في الرسالة دمعي واشتياقي وصورتها يا علي.
تأملها جيدا، احفظ كل تفاصيل الصورة كي تعود، تذكر الصورة في كل هجمة وطلقة زناد
اذكرها واحفظنا كي تعود “

عزيزتي ،كيف حالك؟!

إقرأ أيضا: ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺯﻓﺎﻓﻚ ﻟﻴﻠﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ ﻟﻜﻠﻴﻨﺎ

أعتذر إن شعرتِ ببعدي ، لكن الحياة تضطرنا على البعد أحياناً !

أنا بخيرٍ جداً لولا أني افتقدكِ يا جميلتي !
منذ ابتعادنا و لم يعد في حياتي ما يدعو للابتسامة ، و كأن أحدهم اطفأ قبساً كان في عيني يشتعل.

كيف هي طفلتي ؟!
منذ أن علمتُ أنها في احشائك و أنا أشعر أن الله وهبني عمراً جديدا معها .

أدعو الله دوماً أن يبقيني حياً لأجل اللحظة التي سأحملها بها ، كم أحببتها يا عزيزتي ،

لا أعلم كيف يمكن أن أحب كائناً لم أره؟! لم أحدثه؟!

كل ما أعلمه أنها بضعة مني!

1 3 4 10 1 3 4 10

لطالما أخبرتك أني شامخ دوماً ، لن تضرني الحرب و إن فعلت ، لكنني أخاف أن أموت دون أن التقيكِ و التقيها فإن حصل ،

أخبريها أن أباكِ كان يحبكِ جداً ،
أخبريها أني ومنذ وجودها البعيد هذا ، باتت سبابتي مرتجفةً على الزناد ،

فانتظارها جعلني أتصالح مع أي شيء حتى أعدائي .

أخبريها أني بتُ اتذكرها كلما رأيت حمامةً ، فقليلاً ما يطيرُ فوق جبهات القتال !

فأدعو الله أن لا تصاب الحمامات بطلقات غادرة ، كأنها بالفعل ابنتي !

أذكرها كلما رأيت طفلاً مذعوراً هنا ، فاطمئنه لأجل أن لا يصيبها مكروه هي !

لأجلها لم أسمح بأن تسقط دمية !

أنتظر أن أحمل ابنتي بدلاً من حملي للبندقية ،
فهذه المقاومة قاسية ، تؤلمني الهزيمة ، و الحرب القذرة ، و البرد ، و الجنود ، و رائحة البارود ، و القنابل الملقاة ،

و يشفيني ذكرُكنّ يا فتياتي
انتظري عودتي ، و كوني بخيرٍ حتى أعود ، لا بد أن أعود !

المخلص لكِ دائماً : علي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?