رعاية الله
كان لثلاثة إخوة سفينة صغيرة ورثوها عن أبيهم ، وكان أبوهم رجلا صالحاً.
وذات يوم بينما كانت السفينة تستعد للسفر ، والمسافرون يركبون ،
رأى أصحاب السفينة أحد الشيوخ يحمل متاعه ويقف بعيداً.
تقدم أحد الإخوة من الشيخ وسأله : هل تريد السفر أيها الشيخ؟
فأجاب الشيخ : نعم يا بني ، ولكن ليس معي نقود الآن ، وقد كان أبوكم رحمه الله ينقلني إلى الشاطئ الآخر ولا أعطه أجراً إلا عند عودتي.
فقال الشاب : مرحبا بك في سفينتنا ، ستسافر معنا بلا مقابل ، لن نأخذ منك أجراً.
وصعد إلى السفينة ، ثم بدأت السفينة رحلتها.
كان هذا الشيخ نجارا وأراد أن يصنع صندوقاً صغيراً يضع فيه أمتعته.
أحضر الشيخ بعض الخشب ، وراح يدقه بالشاكوش ، فجأة ، سقط الشاكوش من يده وأحدث ثقباً في جدار السفينة ،
وبدأ الماء يدخل من الثقب إلى قاع السفينة ، والشيخ يحاول أن يسده ، بلا فائدة.
رأى الركاب الماء يتسرب إلى السفينة ، فصاحوا : النجدة ، النجدة!
حاول الركاب أن يسدوا الثقب وما استطاعوا.
استمر الماء يتسرب إلى السفينة ، فزاد خوف الناس ولاموا الشيخ ، وقالوا له : أنت المسؤول عن هذه المصيبة ، سنغرق كلنها بسببك.
شاهد الركاب سفناً تقترب من بعيد ففرحوا.
وصلت السفن ، وظهر أنها سفن قراصنة البحار الذين يسرقون السفن.
رأى اللصوص الماء من قاع السفينة فقالوا : هذه سفينة قديمة ستغرق قريباً بركابها.
انصرف اللصوص وتركوا السفينة.
فرح الركاب لنجاتهم من هؤلاء الأشرار ، وشكروا الشيخ لأنه السبب.
إقرأ أيضا: قصة رجل البادية وزوجته الثانية
قال لهم الشيخ : علينا أن ننقذ السفينة قبل أن تغرق ، اشكروا الله وادعوه أن يساعدنا لننجح في سد الثقب.
وبينما هم مشغولون بإخراج الماء من السفينة رأوا طائراً كبيراً يطير فوقهم وفي منقاره لفافة من الكتان ،
وحوله طيور تهاجمه وتحاول أن تخطف منه اللفافة ، فجأة سقطت لفافة الكتان على السفينة ،
فأسرع أحد الإخوة وأمسك لفافة الكتان وقال : إن خيوط الكتان هي أفضل ما يسد ثقوب السفينة.
ثم سد الثقب بالكتان ، فتوقف تسرب الماء.
قال الشيخ : لقد استجاب الله لدعائنا ، فعلى القادر منكم أن يتبرع ببعض المال لننفقه في أعمال الخير.
جمع الركاب عشرة دنانير ، ووضعوها في خزانة السفينة ليوزعوها على الفقراء والمساكين.
رست السفينة على الشاطئ الآخر ، ونزل الركاب.
قابل الركاب إمرأة تبكي بشدة ، سألها الشيخ : لماذا تبكين أيتها المرأة؟
قالت المرأة : عندي أولاد صغار ، وأعمل من أجل تربيتهم ، أغزل على نور صغير خيوط الكتان ثم أبيعها في السوق ،
وبينما كنت أشرب من البئر هبط طائر من السماء وخطف لفافة الكتان التي نسجتها وطار بها بعيدا ،
كنت سأبيعها في السوق وأطعم أولادي.
سألها الشيخ : وبكم كنت ستبيعين الكتان؟
قالت المرأة : بدينار ، نعيش به طوال الأسبوع.
تعجب الناس عندما سمعوا قصة المرأة ، وقال الشيخ : إنها صاحبة الكتان الذي كان سبباً في إنقاذنا جميعاً من الغرق ،
وهي أحق بالمال الذي جمعناه.
أعطى أصحاب السفينة الدنانير العشرة للمرأة ، والمرأة تقول : هذا كثير ، عشرة دنانير ، الحمد لله ، والشكر لله.
أخيراً ودع الركاب المرأة وأبناءها وركبوا السفينة.
تحركت السفينة عائدة بهم إلى بلادهم ، بينما وقفت المرأة وأولادها على الشاطئ يلوحون بأيديهم ، ويقولون : في رعاية الله.