مقالات منوعة

روائع العرب

روائع العرب

قال الراوي :
ذات يوم وأنا تائه في صحراء البادية
لقيت رجلا من أَعرابِ الموصل ،

فقلت له : من أي القوم أنت ؟!

قال : أنا رجل من الأعرابِ والبدو
قلت : وما البدو؟!

قال : هم قوم أَهل ضعن وسرو.
قلت : وما سرَو ..؟!

قال : هو نقلُ الخُطا ما بينَ دوٍّ ودَو .
قلتُ : وما دو؟!

قالَ : هي أَرضٌ لا تسمعُ فيها سِوى الصَّو .
قلتُ : وما الصَّو ؟!

قالَ : هو صوتٌ مُخيفٌ تسمعهُ منَ الخو.
قلتُ : وما الخَو .. ؟!

قالَ : هو داءٌ لا يشفيكَ منهُ إِلا أَكلةُ الشَّو .
قلتُ : وما الشَّو ؟!

قالَ : هو شيءٌ تراهُ إذا ما نظرتَ في الزَّو.
قلتُ : وما الزَّو ؟!

قالَ : ـ وقد قام وضجِرَ مني ـ هو شيءٌ سأَضعُكَ فيهِ في التَّـو.

فقامَ وحملني ووضعني في قدرٍ كبيرٍ!
قلتُ : أَخرجني باركَ اللهُ فيك فقد عرفتُه.

قالَ : لا واللهِ لا أُخرِجُكَ أَبدا
قلتُ : وما جريرتي عفى اللهُ عنكَ؟!

قالَ : لأَنكَ لا تعرِفُ الحَوَّ مِـنَ اللَّــو .
فصِحتُ وأَنا في القِدرِ : وما اللو ؟!

فضحِكَ الأَعرابي حتى كادَ يقع ، فأَخرجني ، ورويتُ لهُ قصتي ، فأَشفقَ عليَّ ، وأَدخلني بيتَهُ ،

وقدَّمَ ليَ الطعامَ ، ثُمَّ قالَ لي ونحنُ نأْكُلُ : وأَنتَ يا أَخَ العرب من أَيِّ القومِ؟!

فأَردتُ أَنْ أُجاريهِ في كلامِهِ وهيهات.

فقلتُ : أَنا من قومٍ قد طووا المكارِمَ طي.
ففطِنَ إِلى ما أُريدُ ، فقالَ وهو يبتسمُ : وما طي؟!

قلتُ : قومٌ يكثرُ فيهمُ المَيْتُ والحي.

إقرأ أيضا: التقمص في أدب جبران خليل جبران

فقال : ومـا الحي ؟!
قلتُ : حي يسكنُ أَهله بين الشمسِ والفي.

1 3 4 10 1 3 4 10

قالَ : وما الفي؟!
قلتُ : ظِلٌّ ظليلٌ فيهِ السَّقاءُ والري.

فقالَ : وما الرَّي؟!
قلتُ : ماءٌ يسعى إِليهِ من يغُصُّ بالشي.

قالَ : وما الشَّي؟!
قلتُ : شيءٌ قدِ اشتوى وشيءٌ بعدهُ ني.

قالَ : وما ني؟!
قلتُ : لحمٌ كُلٌّ يقولُ إِنَّهُ لي.

قالَ : وقد دفعَهُ إِليَّ وما لِي؟!

قلتُ : ـ وقد دفعتُهُ إِلَيهِ ، لكَ فيهِ جميعُ الأَمرِ والنهي.

فضحكَ وضحِكتُ معه ، ثُمَّ قالَ لي : لا يأمُرَنَّ عليك ذو بغيٍّ وغَي.

فقلتُ : ومــا غَـي ..؟!
فضحكَ وقالَ : أَخشى أَنْ أُجيبكَ وتُجيبني ؛ فلا ننتهي من هذا الأَمر أَبدا.

ثُمَّ دلَّني على الطَّريقِ ، فكانَ يوماً لا أَنساه ما حييت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?