روي عن العالم الجليل الشيخ الدكتور هاشم جميل العراقي أستاذ الفقه المقارن في الوطن العربي أنه أثناء فترة دراسته العليا في الأزهر الشريف ،
مر بظروف مالية صعبة ، وقرُب موعد الإمتحانات ، وطلب منه صاحب الشقة أن يخرج منها ،
فرجاه الشيخ أن يُمهله إلى حين أداء الإمتحانات.
فرفض المالك وأصرَّ على خروجه بعد أيام ، وانقطعت عن الشيخ الحوالة المالية التي كانت ترده كل فترة من العراق.
يقول : فأصابني هم عظيم وحزن أرهقني ، وخرجت كالهائم على وجهي أسير في دروب القاهرة حتى أذَّن المغرب ،
فدخلتُ إلى أحد المساجد القديمة لأصلي ، وبعد أداء الصلاة قرأت هذه الأبيات مكتوبة على المحراب :
تَذَكَّر جَمِيْلِي مُذ خلقتُكَ نُطْفَةً
وَلا تَنْسَ تَصْوِيرِي لشَخْصِكَ في الْحَشا
وَكُنْ وَاثِقاً بِي في أُمُورِكَ كُلِّها
سأَكْـفِيكَ مِنْهَا ما يُخافُ ويُخْتشَى
وَسَـلِّمْ لي الأمْرَ واعْـلَمْ بأنني
أُصَرِّفُ أحكَامِـي وأَفْعَلُ مَا أشاء
يقول الشيخ هاشم جميل : فتأثرت بالأبيات وانشرح صدري ، وزال الهم عن قلبي ، ورجعتُ إلى الشقة وأنا مرتاح البال!
وبعد دقائق دقَّ باب الشقة ، فخرجتُ ، فإذا بصاحب الشقة يقول لي :
على راحتك ؛ أكمل إمتحاناتك ثم اخرج بعدها من الشقة!
فشكرتُه على ذلك.
إقرأ أيضا: أقسم بأن لا يتزوج حتى يشاور مائة رجل
ثمَّ بعد ذلك بساعة تقريباً إتصل بي أحدُهم يقول لي : لك حوالة مالية وردتنا قبل قليل من العراق.
يقول : فدهشت!
وفي اليوم التالي قصدتُ المسجدَ الذي صليتُ فيه لأسأل مَن قائل الأبيات ؟ فلم أجدها في المحراب!
سألتُ الإمام والمؤذن والخادم عنها ؛ كلهم قالوا لي : هل أنت مجنون ؟!
هذا المحراب منذ ثلاثين سنة لم يتغير ولا يوجد فيه هكذا أبيات!
العبرة :
فسبحان مقلب القلوب والأبصار ، ومحوِّل الأحوال.