رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا
رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ
وهذا الدعاء ردده أهل الإيمان من بني إسرائيل بقيادة طالوت عند مواجهة أهل الكفر منهم بقيادة جالوت.
وهو أعظم دعاء لجلب النصر ففيه طلب الصبر وثبات الإقدام عن الفرار والعجز.
فالصبر والثبات يفزعان العدو وبالتالي يفشل وينهزم ثم يأتي النصر ،
فإذا تحقق الصبر تحقق الثبات ، وإذا تحقق الصبر والثبات تحقق النصر ، فكان جماع النصر الصبر.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : لما واجه حزب الإيمان وهم قليل من أصحاب طالوت لعدوهم أصحاب جالوت وهم عدد كثير ،
( قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا ) أي : أنزل علينا صبرا من عندك ( وثبت أقدامنا ) أي في لقاء الأعداء وجنبنا الفرار ( وانصرنا على القوم الكافرين ).
وهذا الدعاء العظيم إن كان هو سلاح المجاهدين في الميادين ، فإنه ينبغي على القاعدين ألا يغفلوا عنه ؛
فمن أكثر منه في السلم يستجاب له في الشدة والحرب ؛ لقول النبي صل اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَن سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاء ) رواه الترمذي ، وصححه الحاكم ، وحسنه الألباني.
وقال الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسير هذا الدعاء : هذه هي الشحنة الإيمانية لمن يريد أن يواجه عدوه فهو ينادي قائلا : {رَبَّنَآ}
إنه لم يقل : يا الله ، بل يقول : {رَبَّنَآ} ؛ لأن الرب هو الذي يتولى التربية والعطاء ،
بينما مطلوب (الله) هو العبودية والتكاليف ؛ لذلك ينادي المؤمن ربه في الموقف الصعب ( يا ربنا )
أي يا من خلقتنا وتتولانا وتمدنا بالأسباب ، قال المؤمنون مع طالوت : {رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً}.
إقرأ أيضا: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ واضربوهن
وعندما نتأمل كلمة {أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً} تفيدنا أنهم طلبوا أن يملأ الله قلوبهم بالصبر ويكون أثر الصبر تثبيت الأقدام
{وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} حتى يواجهوا العدو بإيمان ، وعند نهاية الصبر وتثبيت الأقدام يأتي نصر الله للمؤمنين على القوم الكافرين ،
وتأتي النتيجة للعزم الإيمانية والقتال في قوله الحق : {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ الله…}.